هذا هو الركن السادس من أركان الإيمان الستة, إنه الإيمان بقضاء الله وقدره.
فما من شيء في هذا الكون يقع إلا وقد قدره الله وأحاط علمه به قبل وقوعه, فإذا وقع لم يكن خارجاً عن مشيئة الله تعالى وقدرته. فتضمن هذا: الإيمان بعلم الله تعالى, وأنه كتب الأشياء قبل وقوعها, وأنه لا يخرج عن مشيئته وقدرته شيء, وأنه هو الخالق لكل شيء.
ولله تعالى إرادتان: إرادة كونية حتمية الوقوع وهي بمعنى المشيئة, وإرادة شرعية محتملة الوقوع حسبما تقتضيه حكمته تعالى وهي مرادفة للمحبة, وقد تجتمعان في المقدور وقد تتخلف إحداهما عن الأخرى.
كما أن للعبد مشيئة وحرية واختياراً فيما يطيقه من الأفعال، غير أنها لا تخرج عن مشيئة الله وقدرته؛ وعليه فليس يسوغ له أن يحتج بما لا يعلمه من القدر المُغيّب عنه على فعله المعاصي وتركه الواجبات.
فإذا خالط هذا الإيمان بشاشة القلب عرف العبد قدر نفسه فزال عنه الكبر, وأيقن أن كل مقدور وقع فهو بتقدير من الله؛ فأضحى مطمئن النفس, مرتاح البال, وأثمر اعتقاده هذا ثمرات يجنيها في دنياه وآخرته.