اتفق الفقهاء رحمهم الله على جواز الضرب بالدف وسماعه في الأعراس (9).
و استدل الفقهاء – رحمهم الله – على جواز الضرب بالدف وسماعه في الأعراس بما يلي:
1. قوله صلى الله عليه وسلم " فصل ما بين الحلال والحرام الدف، والصوت في النكاح " (10).
ووجه الدلالة من هذا الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم جعل ضرب الدف في النكاح وما يلحق به من إشهار النكاح بين الناس، جعل ذلك فارقاً بين هذا النكاح المشروع وبين السفاح الذي حرمه الشارع لخفائه وعدم إعلانه، وهذا من أوضح الأدلة على مشروعيته.
2. ما روته عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالغربال ". (11) والغربال: الدف. كما مر في تعريف الدُف ّ.
ووجه الدلالة من هذا الحديث: أمره صلى الله عليه وسلم بالضرب بالدف (الغربال) إظهاراً للنكاح وإشهاراً لأمره. فيكون ذلك دليلاً على مشروعية الضرب بالدف في هذا الموضع.
3. ما روت الربيع بنت معوذ بن عفراء (12) قالت " جاء النبي صلى الله عليه وسلم يدخل حين بُني عَلّي فجلس على فراش كمجلسك مني، فجعلت جويريات لنا يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر، إذ قالت إحداهن: وفينا نبي يعلم ما في غدٍ، فقال: دعي هذه، وقولي بالذي كنت تقولين " (13).
ووجه الاستدلال: أن هذا الحديث أفاد مشروعية إعلان النكاح بالدف وبالغناء المباح (14). فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على هؤلاء الجواري ضربهن بالدف ولم ينكر عليها سماعها لهن.
4. ما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (أنه كان إذا سمع صوت الدف بعث فنظر فإن كان في النكاح أو في الختان سكت، وإن كان في غيرها عمد بالدِّرة) (15).
ووجه الدلالة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يرى أن ضرب الدف في النكاح لا محظور فيه، بدليل سكوته، وعدم إنكاره.
ونُقل عن المالكية وبعض الشافعية والإمام أحمد القول باستحباب الضرب بالدف في العرس (16).
ولعل مستندهم في ذلك أنهم فهموا من النصوص السابقة في مشروعية الضرب بالدف في العرس معنى زائداً عن الإباحة، وهو الاستحباب، لأن فيه إشهاراً للنكاح و إعلانا له، وهو أمر مندوب إليه شرعاً.
وهذا في ظني - قول وجيه – لأن النصوص يلحظ فيها معنى الحث بل ورد بعضها بصيغة الأمر، ويشق القول بأن الأمر للوجوب فينصرف الأمر للندب(17), والله أعلم.