بعد تأسيسها كانت وهران محل نزاع بين أمراء قرطبة الأمويين والفاطميين فقد تم أخد واسترجاع المدينة طوال نزاع دام من 910 حتى 1082م[34].
منذ العام 1000م كانت الجالية اليهودية موجودة ومنظمة في وهران[b 1]. في هذه الحقبة كانت المكانة الإستراتيجية لوهران تفوق الجزائر وتلمسان[7].
سنة 1077م سقطت المدينة بيد يوسف بن تاشفين مؤسس الدولة المرابطية وخضعت له لمدة 68 عام. 1145 وقعت وهران بقبضة قوات عبد المؤمن بن علي الكومي الموحدية المنتصرة في تلمسان وذلك بعد مقتل إبراهيم بن تاشفين ومحظيته عزيزة إثر انقلابهما وحصانيهما بأحد منحدرات جبل مرجاجو[a 5] والذين كانا يقصدان الميناء من أجل التوجه إلى الأندلس[35].
في خلفية الصورة، برج المحل (برج اللقالق) أو روزالكزار ثم شاطوناف لدى الإسبانيين والفرنسيينعرفت المدينة تحت حكم الموحدين فترة طويلة من الاستقرار والازدهار لأكثر من قرن طوروا خلالها الميناء وأحواض السفن[32]. على الرغم من اضطهاد الموحدين، تطور المجتمع اليهودي فكانت هناك تجارة بين يهود غرب المتوسطي ويهود وهران في الفترة ما بين القرن الثاني عشر والقرن الرابع عشر[b 2].
إمارة الموحدين التي حكمت المغرب العربي لعشرات من السنين بدأت تنهار شيأً فشيأً لينتج في الأخير ثلاث سلالات حاكمة. الحفصيون في 1230، الزيانيون في 1235 والمرينيون في 1258.
أصبحت وهران تحت حكم الزيانيين منذ 1228 عندما سقطت بيد يغمراسن بن زيان. فيما بعد أخد المرينيون المدينة وقدم أبو الحسن علي بن عثمان ليستقر بها عام 1347م[36].
«في أقل من نصف قرن مرت وهران تحت تسع سلطات مختلفة هكذا قال م.ل. فاي... نجح بن عباد في البقاء على رأس حكومة وهران، بشرط الاعتراف بتبعيته للحفصيين (1437)». إحتضنت وهران بين أسوارها في هذا الوقت محمد التاسع الأيسر الملك الخامس عشر لمملكة غرناطة الذي أجبر على الفرار من رعاياه المتمردين. بعد وفاة بن عباد خضعت وهران لزيانيي بتلمسان وتحت هذا الحكم الجديد عرفت وهران ازدهاراً كبيراً، فقد أصبحت مركز لنشاط تجاري واسع ونشيط جداً. شهد على ذلك مارمو وألفاريس غوميس :«العاج، جلود النعام، جلود البقر المدبوغة، الذهب والحبوب هي مصادر ثروة السكان التي لا تنضب الذين برعوا أيضاً في صناعة الصوف والأسلحة البيضاء. أقدم سكان البندقية، بيزا، جنوة، مرسيليا وكتلونيا على شراء هذه المنتجات، ويسوقون الأقمشة، الخرز، الحديد والخردوات.» كان بوهران آنذاك 6000 منزل، مساجد رائعة، مخازن الكبيرة ومباني تجارية جميلة كثيرة. عدة مباني بارزة تعود لهذه الفترة مثل تحصينات المرسى الكبير وربما ملاجئ روزالكزار.
خريطة للعلاقات التجارية لوهران في القرن الرابع عشرخلال القرن الرابع عشر أصبحت وهران مركزاً فكرياً[36]. أقام بها العديد من الكتاب وتباهوا بمفاتنها:
ابن خلدون: «وهران متفوقة على جميع المدن الأخرى بتجارتها وهي جنة التعساء. من يأتي فقيراً إلى أسوارها يذهب غنياً.»[37]
الإدريسي: «وهران على حافة البحر، تواجه الميرية على الساحل الأندلسي ويفصلهما يومين من الإبحار. مرسى الكبير هو ميناء ليس له مثيل في كامل الساحل البربري، تقصده سفن الأندلس غالباً. وهران وافرة الثمار. سكانها هم رجال أفعال، أقوياء وفخورين.»[38]
ابن خميس: «المدينتين الساحليتين التين أعجبتاني في المغرب العربي هما وهران خازر وجزائر بولوغين.»[38] · [39]
ليون الإفريقي: «وهران مدينة كبيرة تتوفر على مرافق وجميع أنواع الأشياء الائقة بمدينة طيبة كالمدارس، الحمامات، المستشفيات والفنادق، يحيط بالمدينة سور جميل عال»[38].
في أول ترحيل لليهود من اسبانيا عام 1391، اتجه اليهود السفارديون نحو المغرب العربي. في 1492 وبعد صدور مرسوم الحمراء، استقل اليهود السفارديون والمرانسميون 25 سفينة في ميناء سانتا ماريا بقادس متجهين إلى وهران[b 3].
كانت وهران في هذه الحقبة جمهورية بحرية، دولة مدينة كانت تعتبر إمارة منفصلة عن الزيانيين[7]. كانت المدينة في حالة حرب ضد سيادة تلمسان والسكان رفضوا ان يكون لها محافظ في المدينة، فهم يختارون كل سنة قاضي القضاة ومستشارين لحكومة المدينة. تقتصر صلاحيات محكمة تلمسان على تحصيل الضرائب[40].
ابتداءً من 1493 استضافة وهران عدداً كبيراً من اللاجئين الناصريين بعد سقوط الأندلس. الانتقام، الرغبة في الاستعادة وعدد اللاجئين الكبير جعل الساحل الجزائري نقطة انطلاق لعدد كبير من الهجمات ضد إسبانيا المسيحية. مع مطلع القرن السادس عشر كان الملوك الكاثوليك في عز قوتهم فقرروا ضم العديد من الموانئ الجزائرية. أدى التدخل العسكري العثماني إلى إجلاء الإسبان عن الموانئ المحتلة باستثناء ميناء وهران (1509-1708) والمرسى الكبير (1505-1792)[41].