المفعول معه: اسم فضلة(1) منصوب، قبله واوٌ بمعنى [مع] للمصاحبة (لا للعطف والمشاركة) مسبوقة بجملة(2)، نحو: [مشى خالدٌ والجدارَ](3).
¨ حُكمان:
1- إذا كان الفعل مما يقع مِن متعدِّد، نحو: [تصافح وتشاجر وتشارك وتحاور...] امتنع النصب على المعيّة، وصحّ العطف، نحو: [تصافح خالدٌ وسعيدٌ، وتشاجر زهيرٌ وعليٌّ...].
2- إذا احتمل المعنى: المشاركة والمصاحبة، جاز وجهان تبعاً للمعنى المراد: العطف للمشاركة، نحو: [طلع القمرُ والنجمُ]، والنصب على المعيّة للمصاحبة، نحو: [طلع القمرُ والنجمَ](4).
¨ تراكيب مِن تراثنا اللغوي:
جاء عن العرب، بعد [كيف] و[ما] الاستفهاميّتين، صنفان من الاستعمال، تعالجهما كتب الصناعة في بحث المفعول معه وهما:
الأول قولهم: [كيف أنت وخالدٌ] أو [خالداً]، ومثله طِبقاً: [ما أنت وخالدٌ] أو [خالداً]، بالرفع والنصب، إذا كان قبل الواو ضمير منفصل.
والثاني قولهم: [ما لك وخالداً] بالنصب فقط، إذا كان قبل الواو ضمير متصل.
وبتعبير تقعيديّ نقول: بعد [كيف] و[ما] الاستفهاميتين: يجوز الرفع والنصب إذا سبق الواوَ ضمير منفصل، وأما إذا سبقها ضمير متصل، فليس إلا النصب.
* * *
نماذج فصيحة من المفعول معه
· قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط، يُحَرّض معاوية على قتال عليٍّ كرّم الله وجهه:
فإنّكَ والكتابَ إلى عليٍّ كدابغةٍ وقد حَلِمَ الأديمُ(5)
[والكتابَ]: ليس [الكتاب] في البيت، مفعولاً معه. وذلك أنّ مِن شروط نصبِ الاسم على المعيّة، أنْ تسبق الواوَ جملةٌ. وهو شرط لم يتحقق في البيت.
بل انتصابه بالعطف على اسم [إنَّ] المنصوب، وهو الكاف. ولهذا نظائر كثيرة جدّاً، منها على سبيل المثال، قولُ كثيّر عزّة:
وإنّي وتَهياميْ بعَزّةَ بعدَ ما تَخَلَّيْتُ ممّا بينَنا وتَخَلّتِ
لكالمرْتجي ظِلّ الغَمامةِ كلَّما تَبَوَّأَ منها للمَقِيلِ اضمحَلَّتِ
فالواو مِن [وتهيامي] حرف عطْف، عطَف الاسم بعدَها، على اسم [إنّ]، وهو الياء. ومِن ثمّ ليست كلمة [تهيامي] منصوبة على المعية، لأنّ مِن شروط المفعول معه، أنْ تسبق الواوَ جملةٌ، وهو شرطٌ لم يتحقّق هاهنا.
· قال الشاعر:
فكونوا أنتمُ وبَنِي أَبِيكمْ مكانَ الكُلْيَتَيْنِ مِنَ الطِّحالِ
[وبني]: الواو بمعنى [مع]، والاسم بعدها منصوب على أنه مفعولٌ معه(6). (وإن كانت الجملة قبل الواو لم تتمّ) والشاعر لم يرفعْه بالعطف على اسم [كان] المرفوع، وهو واو الجماعة، أي لم يقل: [وبنو أبيكمْ]، لأنّ الرفع يُفسِد المعنى المراد. إذ يكون عند ذلك: [كونوا أنتم ولْيكنْ معكم بنو أبيكم أيضاً، في مكان الكليتين...]. وهذا غير مراد. وإنما المراد أمرُه لهم، أن يكونوا في صحبة بني أبيهم،كالكليتين من الطحال. ولذلك نصَب [بني] على المعية. والمسألة في البيت تستحق التأمّل.
· ]يا قومِ إنْ كان كبُرَ عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكّلتُ فَأَجْمِعوا أمرَكُم وشركاءَكُم[ (يونس 10/71)
[وشركاءَكم]: الواو بمعنى [مع]، و[شركاءَكم] اسم منصوب على أنه مفعولٌ معه. أي: أَجْمِعوا أمرَكم بصحبة شركائكم.
والعطف هاهنا غير وارد، لِعلّةٍ لغوية منعت مِن ذلك، نبيّنها فيما يلي:
يقال في العربية: [أجمِعوا أمرَكم] أي: اِعزموا على أمر، ولا يقال: أجمِعوا الشركاءَ، لأنّ فعل [أجمع] لاينصب مفعولاً به من الأشخاص والأعيان، ومَن أراد جمع الشركاء أو غيرهم مِن الأشخاص والأعيان قال مثلاً: [اِجمَعوا الناسَ] لا [أَجمِعوا الناسَ]. فبين [جَمَعَ] و[أَجْمَعَ] فرقٌ،