انضمامًا للربيع العربي، وجه ناشطون سوريون عبر الفيس بوك الدعوة "ليوم غضب سوري" في 15 مارس 2011.[109][110] كانت درعا في جنوب الجمهوريّة تشهد ومنذ بداية الشهر "حالة غليان" و"سخط شعبي" بعد أن قام عدد من المُناهضين للنظام بكتابة شعارات مُطالبة بإسقاطه على بعض جدران المدينة، مما أدى إلى حملة اعتقالات عارمة في المُحافظة رافقها تعذيب للمعتقلين.[111][112]
متظاهرو درعا يُحطمون تمثال حافظ الأسد خلال مظاهرات جمعة 25 مارس 2011 ("جمعة العزة" حسب المتظاهرين).
في يوم الثلاثاء 15 مارس 2011 تظاهر العشرات أمام الجامع الأموي في دمشق في أول مظاهرة ضمن الثورة، غير أن الأمن فرقهم واعتقل بعضهم،[113][114] وفي اليوم التالي 16 مارس خرجت مُظاهرة أخرى في المكان نفسه واتجهت نحو وزارة الداخلية،[115] في ساحة المرجة،[116] لم تختلف طريقة تعامل الأمن معها إذ فرقت بالقوّة واعتُقل العشرات.[116][117]
في 18 مارس الجمعة الأولى من الثورة، امتدت المظاهرات خارج العاصمة آخذة بالتوّسع كمًا وانتشارًا فشهدت درعا من الجامع العمري، ودمشق من الجامع الأموي، وحمص من جامع خالد بن الوليد، وبانياس من مسجد الرحمن، مظاهرات.[118] في درعا أطلقت قوات الأمن السورية الرَّصاص الحي اتجاه المتظاهرين السلميِّين، مام أدى إلى سقوط 4 قتلى،[119] وفي الأسبوع التالي كانت درعا وقراها مسرحًا لمظاهرات مستمرة واجهها الأمن بسياسة القمع، أفضت مع نهاية الأسبوع لما يقرب 150 قتيلاً.[120][121][122]
لم تتوقف رقعة المظاهرات عن التوسع، ففي يوم الجمعة التالي 25 مارس وتحت شعار "جمعة العزّة" شاركت 7 محافظات من أصل 14 في المظاهرات، واجهها الأمن بالقمع، وكانت بثينة شعبان قد وعدت بإصلاحات اتخذتها "القيادة القطريّة لحزب البعث العربي الاشتراكي".[123][124] تلاها في 31 مارس خطاب لبشار الأسد أمام مجلس الشعب، وتحدَّث فيه عن إصلاحات ومحاسبة المسؤولين عن قتل المواطنين.[125] ثمَّ أعلن عن تشكيل حكومة جديدة، لم تختلف في تركيبتها وتكوينها عن الحكومات السابقة،[126] ثم في 21 أبريل أعلنَ عن رفع حالة الطوارئ في البلاد، بعدَ أن كانت قد فُرضت لمدة 48 عاماً متصلة منذ ثورة الثامن من آذار عام 1963.[127]
مظاهرات تُطالب بإسقاط النظام في "ساحة الحرية" بمدينة بانياس خلال "جمعة الغضب" في 29 أبريل 2011، قبل الاجتياح العسكري للمدينة بأربعة أيام.
لم تتوقف المظاهرات، وبدءًا من 25 أبريل شارك الجيش السوري بعمليات القمع، فاجتاح درعا ودوما والمعضمية،[128][129] وحاصر بانياس ثم حاصر حمص في 9 مايو فتلكخ؛[130][131] رافق ذلك تضخم أعداد القتلى والمعتقلين ورغم ذلك لم تتوقف المظاهرات المطالبة بإسقاط النظام، أو العمليات العسكريّة بل امتدت نحو حصار الرستن وتلبيسة، كما لم تتوقف الحكومة سياستها حول "عصابات إرهابية مسلحة" وإصدار المراسيم التشريعية لقوانين جديدة ضمن الإصلاح الذي وعد به الأسد، كما لم تتوقف "المجازر" على سبيل المثال يوم 3 يونيو تسبّب إطلاق نار كثيف على متظاهري حماة بسُقوط عشرات القتلى،[132] علمًا أن المدينة شهدت مظاهرات ضخمة في ساحة العاصي أدت مع نهاية يوليو لاجتياحها في عُرف باسم "مجزرة هلال رمضان"، أما اجتياحها الأول كان بداية يوليو، وكان من بين ضحاياه إبراهيم القاشوش.[133] تلتها حصارات إدلب التي كان من أثارها نزوح 17,000 مواطن نحو تركيا،[134] وعمليات مشابهة في دير الزور والبوكمال والحراك، وتكررت اجتياحات حمص وأحيائها.
في 14 أغسطس اقتحم الجيش مدينة اللاذقية، وشاركت الزوارق الحربية في قصفها بحرًا، في أوَّل استخدام لسلاح البحرية منذ بدء الاحتجاجات،[135] سيّما حي الرمل الجنوبي الذي شهد تركز المظاهرات؛ علمًا أن النظام حاول ومنذ بداية أغسطس افتعال فتنة طائفيّة في المدينة المتنوعة طائفيًا بيدَ أنه فشل.
متظاهرون يُشيعون قتلى معركة الزبداني، في 20 يناير 2012.
كان 18 أغسطس يوماً محورياً في تحوُّل الخطاب الدوليِّ ضد النظام، حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية ففرنسا فبريطانيا فألمانيا فالاتحاد الأوروبي فكندا زوال شرعيّة النظام ودعوا الرئيس للتنحي.[136][137] وفي 2 أكتوبر أعلن عن قيام المجلس الوطني السوري، كهيئة سياسيّة ممثلة للثورة،[138] كما أعلن رياض الأسعد تأسيس الجيش السوري الحر ككيان يضم العسكريين المنشقين عن الجيش النظامي وهدفه الرئيس حماية المتظاهرين وتأمين المناطق التي انسحب منها الأمن،[139] كما اندلعت خلال الأشهر اللاحقة عدة معارك بين الجيش النظامي والجيش الحر في عدد من المناطق والمدن السوريّة، كما حصل على سبيل المثال يوم 13 يناير 2012 حين اندلعت معركة في الزبداني بعدَ أن سيطرَ الجيش الحر عليها بالكامل، وقضى اتفاق بين الطرفين في 11 فبراير لانسحاب كلا الجيشين من المدينة.[140]
ترافق ذلك مع حراك في مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، بيد أن استخدام روسيا والصين حق النقض عطّل إصدار أي قرار عن مجلس الأمن،[141] وفي 19 ديسمبر وافقت الحكومة السورية على توقيع بروتوكول المراقبين العرب كجزء من مبادرة الجامعة العربية في سوريا بعد شهر ونصف من المهل والجدالات،[142] ووصلت طلائع البعثة إلى البلاد في يوم الخميس 22 ديسمبر،[143] ومن ثم قدمت الجامعة العربية مبادرة جديدة تقضي بتفويض الأسد صلاحياته لنائبه، لتأمين عملية انتقال سلمي للسلطة غير أن الحكومة "رفضتها جملة وتفصيلاً"، وخلال المبادرة الثانيّة سحبت بعثة المراقبين وتمت الدعوة لإرسال قوات حفظ سلام بدلاً منها.
في 3 فبراير 2012، أدى قصف عنيف على حي الخالدية في مدينة حمص إلى سُقوط مئات القتلى وأكثر من ألف جريح في ليلة واحدة،[144][145] وتلت ذلك حملة على المدينة هي الأعنف منذ بدء الاحتجاجات، أدت إلى سقوط زهاء ألف قتيل خلال أسبوعين.[146]