بعد دخول فرنسا للجزائر سنة 1830 م بدأت تـحتل الولايات تباعا، وكان نصيب ولاية سطيف أن احتلت يوم 15 ديـسمبر 1848 م بقيادة الـجنرال "غـالبـوا" وانتهج الاستعمار سياسة ماكرة قاهرة حقيـرة اتـجاه الأهالـي، فقد انتزعت منهم أراضيهم وسلمت للأهالـي وكذلك جـميع الامتيازات الأخرى، وساعدت البنوك الكبرى والشركات العقارية الرأسمالية هذه العملية، وكانت النتيجة الطبيعية تدهور معيشة الـمواطنيـن مـما أدى إلـى نشوب ثورات وحركات مسلحة أهمها ثورة" الـمقرانـي" سنة 1871 م والتـي مست جزءا كبيـرا من منطقة سطيف، لكن هذه الثورات فشلت ولـم تـحقق هدفها النهائـي الـمنشود.
إن الاستعمار الفرنسـي لـم يولـي أية عناية بالآثار التاريـخية التـي وجدها بالـمنطقة إذ استعمل الـحجارة الـمنحوتة التـي تعود إلـى العهد الرومانـي فـي بناء الثكنات العسكرية.
ولقد أصبحت مدينة سطيف رسـميا بلدية بـموجب أمر ملكـي، كـما أحيطت الـمدينة أثناء الاحتلال الفرنسـي بسور له أربعة أبواب هـي : باب الـجزائر، باب بسكرة، باب قسنطينة، باب بـجاية.
هذه ونشيـر إلـى أن الـمدينة لـم تشهد توسعا عـمرانيا كبيـرا إلا فـي عام 1918 م – بعد الحرب العالمية الأولى - وقد استرجعت مدينة سطيف أهـميتها من الناحية الإستراتيجية خاصة حيـن اتخذها الاستعمار مركزا لبسط نفوذه علـى بقية الـمناطق والدليل وجود عمارة أوروبية ذات طابع حديث نوعا ما فـي مدينة سطيف - خاصة وسط الـمدينة -. واستمر الحال كذلك حتـى بدأت حركة الوعـي تنتشر بعد تأسيس جـمعية العلماء الـمسلميـن الجزائريين خاصة أن أحد مؤسسيها من منطقة سطيف - كـما يذكر أن الشيخ ابن باديس قد جاء إلـى مدينة سطيف متخفيا ومكث بعض الوقت وكان يبيت فـي منزل بـمنطقة المعدمين الـخمسة - لـجنـان -.
ومع مرور الوقت اكتسب سكان سطيف وعيا سياسيا - خاصة بعد تأسيس الأحزاب السياسية الـحديثة ذات الاتجاه الاستقلالي وظهور الكشافة الإسلامية الـجزائرية التـي أسسها الشهيد" مـحمد بوراس" وأول من أدخلها - الكشافة - إلـى سطيف هو الشهيد "حسان بـلخيـر" وهذا سنة 1938 م وأسس أول فوج سـماه فوج الـحياة بعد كل هذه الـمعالـم جاءت الظروف لتبرهن عـما يـختلج من صدق وحـماس فـي ضميـر كل وطنـي غيور علـى وطنه ودينه ولغته وقوميته وكانت أحداث 08 مـاي 1945 حيث بدأت الـمظاهرات السياسية الـمطالبة بالـحرية والاستقلال وتـحقيق الوعود الـمعسولة، ورد الـحقوق الشرعية للشعب فكان رد الاستعمار حاسـما حازما بشعا مأساويا.