يعتبر الإنسان أهم عامر حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وكلما توالت الأعوام ازداد تحكماً وسلطاناً في البيئة، وخاصة بعد أن يسر له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته إلى الغذاء والكساء.
وهكذا قطع الإنسان أشجار الغابات وحول أرضها إلى مزارع ومصانع ومساكن، وأفرط في استهلاك المراعي بالرعي المكثف، ولجأ إلى استخدام الأسمدة الكيمائية والمبيدات بمختلف أنواعها، وهذه كلها عوامل فعالة في الإخلال بتوازن النظم البيئية، ينعكس أثرها في نهاية المطاف على حياة الإنسان كما يتضح مما يلي:-
- الغابات: الغابة نظام بيئي شديد الصلة بالإنسان، وتشمل الغابات ما يقرب 28% من القارات ولذلك فإن تدهورها أو إزالتها يحدث انعكاسات خطيرة في النظام البيئي وخصوصاً في التوازن المطلوب بين نسبتي الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الهواء.
- المراعي: يؤدي الاستخدام السيئ للمراعي إلى تدهور النبات الطبيعي، الذي يرافقه تدهور في التربة والمناخ، فإذا تتابع التدهور تعرت التربة وأصبحت عرضة للانجراف.
- النظم الزراعية والزراعة غير المتوازنة: قام الإنسان بتحويل الغابات الطبيعية إلى أراض زراعية فاستعاض عن النظم البيئية الطبيعية بأجهزة اصطناعية، واستعاض عن السلاسل الغذائية وعن العلاقات المتبادلة بين الكائنات والمواد المميزة للنظم البيئية بنمط آخر من العلاقات بين المحصول المزروع والبيئة المحيطة به، فاستخدم الأسمدة والمبيدات الحشرية للوصول إلى هذا الهدف، وأكبر خطأ ارتكبه الإنسان في تفهمه لاستثمار الأرض زراعياً هو اعتقاده بأنه يستطيع استبدال العلاقات الطبيعية المعقدة الموجودة بين العوامل البيئية النباتات بعوامل اصطناعية مبسطة، فعارض بذلك القوانين المنظمة للطبيعة، وهذا ما جعل النظم الزراعية مرهقة وسريعة العطب.
- النباتات والحيوانات البرية: أدى تدهور الغطاء النباتي والصيد غير المنتظم إلى تعرض عدد كبير من النباتات والحيوانات البرية إلى الانقراض، فأخل بالتوازن البيئية.
أثر التصنيع والتكنولوجيا الحديثة على البيئة
إن للتصنيع والتكنولوجيا الحديثة آثاراً سيئة في البيئة، فانطلاق الأبخرة والغازات وإلقاء النفايات أدى إلى اضطراب السلاسل الغذائية، وانعكس ذلك على الإنسان الذي أفسدت الصناعة بيئته وجعلتها في بعض الأحيان غير ملائمة لحياته كما يتضح مما يلي:-
- تلويث المحيط المائي: إن للنظم البيئية المائية علاقات مباشرة وغير مباشرة بحياة الإنسان، فمياهها التي تتبخر تسقط في شكل أمطار ضرورية للحياة على اليابسة، ومدخراتها من المادة الحية النباتية والحيوانية تعتبر مدخرات غذائية للإنسانية جمعاء في المستقبل، كما أن ثرواتها المعدنية ذات أهمية بالغة.
- تلوث الجو: تتعدد مصادر تلوث الجو، ويمكن القول أنها تشمل المصانع ووسائل النقل والانفجارات الذرية والفضلات المشعة، كما تتعدد هذه المصادر وتزداد أعدادها يوماً بعد يوم، ومن أمثلتها الكلور، أول ثاني أكسيد الكربون، ثاني أكسيد الكبريت، أكسيد النيتروجين، أملاح الحديد والزنك والرصاص وبعض المركبات العضوية والعناصر المشعة. وإذا زادت نسبة هذه الملوثات عن حد معين في الجو أصبح لها تأثيرات واضحة على الإنسان وعلى كائنات البيئة.
- تلوث التربة: تتلوث التربة نتيجة استعمال المبيدات المتنوعة والأسمدة وإلقاء الفضلات الصناعية، وينعكس ذلك على الكائنات الحية في التربة، وبالتالي على خصوبتها وعلى النبات والحيوان، مما ينعكس أثره على الإنسان في نهاية المطاف.
الإنسان في مواجهة التحديات البيئية
الإنسان أحد الكائنات الحية التي تعيش على الأرض، وهو يحتاج إلى أكسجين لتنفسه للقيام بعملياته الحيوية، وكما يحتاج إلى مورد مستمر من الطاقة التي يستخلصها من غذائه العضوي الذي لا يستطيع الحصول عليه إلا من كائنات حية أخرى نباتية وحيوانية، ويحتاج أيضاً إلى الماء الصالح للشرب لجزء هام يمكنه من الاتسمرار في الحياة.
وتعتمد استمرارية حياته بصورة واضحة على إيجاد حلول عاجلة للعديد من المشكلات البيئية الرئيسية التي من أبرزها مشكلات ثلاث يمكن تلخيصها فيما يلي:-
أ. كيفية الوصول إلى مصادر كافية للغذاء لتوفير الطاقة لأعداده المتزايدة.
ب. كيفية التخلص من حجم فضلاته المتزايدة وتحسين الوسائل التي يجب التوصل إليها للتخلص من نفاياته المتعددة، وخاصة النفايات غير القابلة للتحلل.
ت. كيفية التوصل إلى المعدل المناسب للنمو السكاني، حتى يكون هناك توازن بين عدد السكان والوسط البيئي.
ومن الثابت أن مصير الإنسان، مرتبط بالتوازنات البيولوجية وبالسلاسل الغذائية التي تحتويها النظم البيئية، وأن أي إخلال بهذه التوازانات والسلاسل ينعكس مباشرة على حياة الإنسان ولهذا فإن نفع الإنسان يكمن في المحافظة على سلامة النظم البيئية التي يؤمن له حياة أفضل، ونذكر فيما يلي وسائل تحقيق ذلك:-
1.
الإدارة الجيدة للغابات: لكي تبقى الغابات على إنتاجيتها ومميزاتها.
2.
الإدارة الجيدة للمراعي: من الضروري المحافظة على المراعي الطبيعية ومنع تدهورها وبذلك يوضع نظام صالح لاستعمالاتها.
3.
الإدارة الجيدة للأراضي الزراعية: تستهدف الإدارة الحكيمة للأراضي الزراعية الحصول على أفضل عائد كما ونوعاً مع المحافظة على خصوبة التربة وعلى التوازنات البيولوجية الضرورية لسلامة النظم الزراعية، يمكن تحقيق ذل:
أ. تعدد المحاصيل في دورة زراعية متوازنة.
ب. تخصيب الأراضي الزراعية.
ت. تحسين التربة بإضافة المادة العضوية.
ث. مكافحة انجراف التربة.
4. مكافحة تلوث البيئة: نظراً لأهمية تلوث البيئة بالنسبة لكل إنسان فإن من الواجب تشجيع البحوث العلمية بمكافحة التلوث بشتى أشكاله.
5. التعاون البناء بين القائمين على المشروعات وعلماء البيئة: إن أي مشروع نقوم به يجب أن يأخذ بعين الاعتبار احترام الطبيعة، ولهذا يجب أن يدرس كل مشروع يستهدف استثمار البيئة بواسطة المختصين وفريق من الباحثين في الفروع الأساسية التي تهتم بدراسة البيئة الطبيعية، حتى يقرروا معاً التغييرات المتوقع حدوثها عندما يتم المشروع، فيعملوا معاً على التخفيف من التأثيرات السلبية المحتملة، ويجب أن تظل الصلة بين المختصين والباحثين قائمة لمعالجة ما قد يظهر من مشكلات جديدة.
6. تنمية الوعي البيئي: تحتاج البشرية إلى أخلاق اجتماعية عصرية ترتبط باحترام البيئة، ولا يمكن أن نصل إلى هذه الأخلاق إلا بعد توعية حيوية توضح للإنسان مدى ارتباطه بالبيئة و تعلمه أ، حقوقه في البيئة يقابلها دائماً واجبات نحو البيئة، فليست هناك حقوق دون واجبات.
وأخيراً مما تقدم يتبين أن هناك علاقة اعتمادية داخلية بين الإنسان وبيئته فهو يتأثر ويؤثر عليها وعليه يبدو جلياً أن مصلحة الإنسان الفرد أو المجموعة تكمن في تواجده ضمن بيئة سليمة لكي يستمر في حياة صحية سليمة.