معركة الجسر :
Crystal Clear app kdict.png مقال تفصيلي :موقعة الجسر
بعد أن هزم الفرس في النمارق وما بعدها اجتمعوا إلى رستم، فأرسل جيشاً كثيفاً ومعهم راية (كسرى) وراية (أفريدون) التي تسمى (الدرفس) وسار هذا الجيش نحو المسلمين فالتقوا، وبينهم جسر، فقال الفرس : إما أن تعبروا إلينا، أو نعبر إليكم، فقال المسلمون لأبي عبيد : أمرهم أن يعبروا إلينا، فقال أبو عبيد : ما هم أجرأ منا على الموت بل نعبر إليكم، ثم اقتحم الجسر إليهم، وجرت معركة عنيفة بين الطرفين. وكانت فيلة الفرس تؤذي المسلمين حيث تخافها خيولهم الأمر الذي جعل أبا عبيد يأمر المسلمين بقتل الفيلة فقتلوها وكان بين الفيلة فيل عظيم هجم عليه أبو عبيد، فضرب خرطومه فاستدمى الفيل وصرخ وقتل أبا عبيد وبرك فوقه، وقتل القادة الذين تولوا أمر المسلمين بعد أبي عبيد، حتى جاء دور المثنى بن حارثة في الإمارة، وكان قد ضعف أمر المسلمين، وأرادوا التراجع، وعبر بعضهم الجسر، ولتزاحمهم عليه تحطم الأمر الذي جعل ظهور المسلمين للفرس وبدأ القتل فيهم حتى عظم، فقتل منهم من قتل، وغرق من غرق. فجاء المثنى ووقف عند مدخل الجسر يحمي المسلمين ليقطعوا الطريق ببطء فأصلحوا الجسر وعبروا خلاله، حتى انتهوا والمثنى وشجعان المسلمين يحمونهم. وقد وقعت هذه المعركة بعد معركة اليرموك بأربعين يوماً أي في شهر شعبان في السنة الثالثة عشرة للهجرة واختلف الفرس ثانية على الحكم إذ خلعوا رستم، ثم عادوا فولوه، وأضافوا إليه الفيرزان، وسار الفرس إلى المدائن فلحقهم المثنى، وهزم من اعترض سبيله منهم وأسر عدداً كبيراً ضرب أعناقهم، وطلب النجدة والمدد من أمراء المسلمين، فوافوه، كما كان قد وصل إليه جرير بن عبد الله البجلي ومن معه.
معركة البويب :
لما علمت الفرس باجتماع عدد من جيوش المسلمين بعثت جيشاً كثيفاً، والتقى الطرفان في مكان يقال له (البويب) قرب الكوفة، وطلبت الفرس أن يعبر المسلمون إليها، أو تعبر إليهم، فأجاب المثنى بأن يعبر الفرس فعبر وجرت معركة عنيفة هزمت فيها المجوس، وقتل منهم عدد كبير قتلاً وغرقاً في النهر، وكانت هذه المعركة عظيمة إذ اقتص فيها المسلمون من معركة الجسر ونالوا غنائم عظيمة، وقتل فيها قائد الفرس مهران، وكان ذلك في شهر رمضان من السنة الثالثة عشرة الهجرية.
وبعد معركة البويب التي اقضت مضاجع الفرس اجتمع أمراؤهم على تمليك يزدجرد بن شهريار بن كسرى، واتفقوا على ذلك فيما بينهم، وأرسلوا بالخبر إلى إتباعهم في الأمصار كافة، الأمر الذي جعل المجوس وأنصارهم الذين صالحوا المسلمين وأظهروا الطاعة ينقضون العهد. وأخبر المسلمون بذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب.
حث عمر بن الخطاب المسلمين على الجهاد وخرج بنفسه على رأس الجيش من المدينة بعد أن ولّى مكانه علي بن أبي طالب واستصحب معه عثمان بن عفان وسادات الصحابة حتى وصل إلى ماء يقال له (ماء الصرار) فعقد مجلساً استشارياً في الذهاب، وقد أرسل إلى علي أن يأتي من المدينة، فكلهم وافقه على رأيه إلا عبد الرحمن بن عوف فإنه قال له : إني أخشى إن كسرت أن تضعف أمر المسلمين في سائر أقطار الأرض، وإني أرى أن تبعث رجلا وترجع إلى المدينة، فمال عمر إلى هذا الرأي، ووقع الاختيار على سعد بن أبي وقاص قائداً للجيش، فأوصاه، وكتب إلى المثنى بن حارثة وجرير بن عبد الله البجلي في إطاعة سعد، كما أصبح جميع أمراء العراق تبعاً له، ولكن المثنى قد توفي قبل وصول سعد إذ انتقض عليه جرحه الذي أصابه يوم الجسر.
اجتمع المسلمون في القادسية حسبما واعدهم سعد بن وقاص بناء على أوامر الخليفة عمر بن الخطاب، كما نصَّب الخليفة عبد الرحمن على القضاء ولما بلغ سعد ماء العذيب اعترضه جيش للفرس، فهزمه، وغنم منه غنائم كثيرة. ويبدو من هذه المعارك أن المسلمين كانوا يتوغلون في أعماق العدو دون تطهير كامل للمناطق الخلفية مما يجعل الفرس يستطيعون تحريك جيوشهم إلى قرب أماكن المعارك الأولى.