تنص المادة الثانية والأربعين من الدستور السوري على أن الحفاظ على الوحدة الوطنية واجب على كل مواطن،[196] وفي الواقع لم تشهد سوريا في تاريخها الحديث اشتباكات أو صراعات على خلفيات دينية أو مذهبية على عكس العديد من البلدان المجاورة كمصر والعراق ولبنان وإيران.[197] كذلك فإن المادة الخامسة والثلاثين من الدستور كفلت حرية قيام جميع الطوائف والمذاهب بطقوسها وتأسيس دور عبادتها الخاصة، وقد كفلت المادة نفسها حق الحرية الدينية للمواطنين،[198] غير أن قانون الأحوال الشخصية عاد فقيّد هذا الحق من ناحية زواج المسلمة بغير المسلم ومن ناحية بقاء أولاد المسلم الذي اعتنق دينًا آخر على الإسلام حتى لو ولدوا من زواج لاحق لتغيير دينه.[199][200] بالنسبة لقوانين الأحوال الشخصية، فلا يوجد قانون أحوال شخصية موحد إنما هناك مجموعة قوانين شخصية لكل طائفة من الطوائف توافق أحكام شرعها، وهو ما يثير جدلاً قانونيًا في البلاد كون البعض يراه مخالفًا للفقرة الثالثة من المادة الخامسة والعشرين في الدستور التي تنص على كون جميع المواطنين متساوين أمام القانون، ويطالب عدد من الأحزاب والحركات المدنية بسن قانون للأحوال الشخصية لا يلتفت إلى القواعد الدينية ويشرّع الزواج المدني في البلاد.[201] المادة الثالثة من الدستور السوري أوضحت أن دين رئيس الجمهورية يجب أن يكون الإسلام، كما نصت على اعتبار الفقه أحد مصادر التشريع الرئيسية.[202]
دير الآباء الفرنسيسكان في حلب.
عائلة يهودية سورية تحتفل بزفاف أحد أفرادها في حلب عام 1914.
تعتبر سوريا بلدًا متنوعًا طائفيًا، 74% من المواطنين من المسلمين المتمذهبين بالمذهب السنّي، في حين أن 16% من سائر الطوائف الإسلامية خصوصًا الشيعة والعلوية والدروز والإسماعيلية، أما نسبة المسيحيين فتترواح بين 10 إلى 12% باختلاف الإحصاءات، حوالي نصفهم من الروم الأرثوذكس في حين أن سائر الطوائف تشكل النصف الآخر.[203] كانت نسبة المسيحيين في سوريا أواخر الحكم العثماني 25% من مجموع السكان غير أن انخفاضها يعود بسبب رئيسي إلى الهجرة التي تزايدت منذ تلك المرحلة وكانت نسبتها مرتفعة لدى المسيحيين أكثر من سائر الطوائف. تحوي سوريا أقل من ألف مواطن من أتباع الديانة اليهودية في دمشق وحلب والقامشلي. كانت أعداد اليهود أكبر في السابق حتى وصلت إلى ثلاثين ألفًا عام 1954 غير أنها انخفضت نتيجة هجرتهم إلى إسرائيل والولايات المتحدة خصوصًا إثر حربي 1948 و1967.[204] يوجد في سوريا أيضًا بضعة آلاف من اليزيديين.[205]
مقام السيدة زينب قرب دمشق.
خلال التاريخ الإسلامي كانت سوريا مسرحًا لقيام عدد من الدول والأحداث الهامة أبرزها قيام الدولة الأموية والدولة الزنكية، وتدعى دمشق في أدبيات القرون الوسطى "بالشام الشريف" إبرازًا لأهميتها وموقعها. كذلك فإن البلاد تشتهر بالمقامات وقبور الأولياء والصحابة بعضهم اشتهروا في التاريخ أو كانوا من آل البيت،[206] وبضعهم الآخر كانوا ذوي سيرة صالحة لدى سكان قريتهم أو منطقتهم فتحولت قبورهم إلى مناطق يقصدها سكان المنطقة والمناطق المجاورة تبركًا.
لسوريا أهمية كبيرة في تاريخ المسيحية، فهي مقر عدد من الكنائس والبطريركيات المسيحية أبرزها بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وبطريركية السريان الأرثوذكس وبطريركية الملكيين الكاثوليك وغيرهم، وقامت بها الكثير من كنائس الشرق من شرقها إلى غربها. تعتبر مدينة حلب ثاني مدينة في الشرق الأوسط بعد بيروت من حيث عدد المسيحيين، إلى جانب انتشار عدد كبير من الأماكن المقدسة المسيحية فيها والمهمة في تاريخ المسيحية. تذكر الأناجيل أن يسوع قد قام بزيارة مناطق في الجنوب السوري ومن المعلوم أنه في قيصرية فيلبس والتي تدعى اليوم بانياس الشام قد أعلن أن بطرس سيكون رأس الرسل،[متى 1/16] بل إن القديس بطرس نفسه من مواطني بيت صيدا التي تقع شرقي بحيرة طبرية ما يعني أنها في سوريا، وفي بيت صيدا نفسها اجترح المسيح واحدة من أبرز معجزاته وهي السير على الماء.[207] وقد انتشرت المسيحية سريعًا بعض مناطق البلاد وشهدت استقرار عدد من الرسل السبعون الذين عينهم المسيح شخصيًا كأساقفة لبعض مدنها، وكانت دمشق قاعدة انطلاق القديس بولس في رحلاته التبشيرية وهو واحد من رسل المسيحية ووكذلك لا تزال آثار كنيسة حنانيا الأقدم ماثلة لحقبة هامة من التاريخ المسيحي، وتعتبر كنيسة أم الزنار في حمص من أقدم كنائس العالم وترقى لفترة مبكرة من القرن الأول،[208] وكنائس واديرة كثيرة منتشرة على امتداد الأرض السورية أما أنطاكية فقد لعبت النصيب البارز في حياة المسيحيين الأولى، وقد خرج من سوريا عدد كبير من القديسين إلى جانب كون عدد كبير من آباء الكنيسة هم من السوريين.[209][210] كذلك هناك العديد من المقدسات المسيحية المهمة مثل صيدنايا ومعلولا وصدد ودير سمعان وسرجيلا وعشرات القرى التاريخية المسيحية التي كانت مراكز القديسين في عصر المسيحية الأولى.