أغتنم فتح مــوقع رئــاسة الـجمهــورية علــى شبــكة الانترنيت فرصة و أتوجه إلى كل الـمهتـمين بالـجزائر وبكفاحها الــمطرد في سبيل السلـم و التسامح و التآخي و الديمقراطية مثل غيرها من الـمؤسسات عبر العالم، كان لزاما على رئاسة الـجمهورية أن تدخل ميدان تكنولوجيات الإعلام والاتصال الـجديدة و ذلك باعتماد الانترنيت، هذه الأداة الرائعة. و الإقبال على فتح هذا الـموقع يأتي من تصميمنا، الذي طالـما أكدناه مرارا و تكرارا، على الدخول بالـجزائر في خضم مسار العولـمة الزاحفة، منتهجين، في سبيل ذلك، مسعى متعدد الأشكال، مسعى كله حزم و إصرار.
و التصميم هذا ينطلق من واقع و يحدوه أمل كبير.
أما الواقع، فهو كون الـجزائر، الزاخرة بالـموارد، تـملك كفاءات علـمية تخول لها، إن تـم تعهدها بالتشجيع و التـحفيز و مكنت من الإدلاء بدلوها، أن تتصدى للتـحديات و تـتخطى العراقيل التي لا تـــزال تعترض طريقها صوب الديـمقراطية و اقتصاد السوق.
و أما الأمل، فهو أن يتأتى لهذه التكنولوجيات الـجديدة أن تساهم في تـحقيق إفاضة الـمزيد من التسامح و السلـم والعدل عبر العالم، بتعريفها الأمـم ببعضها البعض و إشاعتها قدرا أوفى من التفاهم بين الشعوب اعتمادا على توسيع نطاق نشر الأخبار و الـمعلومات، و إضفاء الـمزيد من التيسير على الـمبادلات التجارية و الثقافية و العلـمية و التكنولوجية.
إن فتح هذا الـموقع يرمز بقوة إلى ما تتمتع به الـجزائر من ثقافة التفتح، هذه الثقافة الـمتجذرة في أصالتها و الـمتجهة بلا رجعة شطر العصرنة، و التي هي عازمة على توظيفها، هي كغيرها من الوسائل الأخرى، لـمكافحة داء التعصب الذي هو سبب الكثير من النزاعات والـمآسي التي لا تزال تعصف بالعديد من مناطق العالـم.
إننا نرى في موقع رئاسة الـجمهورية على شبكة الانترنيت دعوة نتوجه بها إلى رواد هذه الشبكة عبر العالـم، و إلى أبناء جاليتنا الـمغتربة، و لا سيما النبغاء منهم العاملين في الـخارج، دعوة إلى التعرف على الـجزائر على حقيقتها؛ إلى معاينة الـجزائر وهي تسير واثقة الـنفس، متفائلة، لا يثنيها ما يعــترضها من صعوبات، غايتها دخول عهد أفضل؛ هذه الـجزائر التي تعلـم أنها تـملك ما يسوغ لها أن تعول، في هذا السبيل، على إسهام أبنائها، كل أبنائها بلا تـمييز و لا فرز.
سيعمل القائمون على هذا الـموقع بـحيث يصبح الـمرآة التي تعكس ما في ملامح الـجزائر من ثراء و تنوع. و سيعنون بتضمين أبوابه الـمختلفة خلاصة ما له صلة ببلادنا، سياسيا واقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا، من أنباء و معلومات. هذا، وسيتيح هذا الـموقع الاتصال اليسير السريع بـمسؤولي سائر قطاعات النشاط في بلادنا.
و لا غرو أن الوصول إلى مستويات حسن الأداء الـمأمولة، في هذا الـمجال و غيره، يستدعي بذل الكثير من الـجهود. و لكن الـجزائريين سيتوصلون بعون الله ليس إلى استكمال تـحكمهم في تكنولوجيات الإعلام والاتصال الـجديدة فحسب، بل إلى ضمان أتـم النجاح للإصلاحات الـجارية في مجالات، هي حساسة بالنسبة للـمستقبل بقدر ما هي حاسمة، من مثل الاقتصاد، والعدالة، و الدولة و مؤسساتها، و التربية...
فالرسالة هذه رسالة صادرة من الـجزائر الـمصممة، أكثر من أي وقت مضى، على الـخروج من أزمتها الراهنة، الـجزائر الواعية بـما يحبل به عصرنا هذا من رهانات حاسمة. إنني أبلغها و أنا يـحدوني أمل صادق في أن يكون موقع رئاسة الـجمهورية على شبكة الانترنيت إطارا للتبادلات الـمفيدة النافعة و أن يضع بين أيدي رواد الشبكة بمعلومات لا تشوبها شائبة، ستغذي اهتمامهم الـمتواصل ببلادنا، هذا البلد الذي عانى ما عاناه من أنكد الـمحن و لـم يتزعزع إيـمانه و لم ينثن عن تطلعه الفطري إلى السلـم و الديـمقراطية و التقدم.