ما فضل يوم عرفة وما هي الأعمال المستحبة في هذا اليوم؟
يوم عرفة من الأيام الفاضلة ، التي تجاب فيه الدعوات ، وتقال العثرات ، وهو يوم معظّم أمره ، أقسم الحق سبحانه وتعالى به في سورة البروج فقال: (وشاهد ومشهود) "البروج: 3" روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود: يوم القيامة ، واليوم المشهود: يوم عرفة ، والشاهد: يوم الجمعة..) "رواه الترمذي وحسنه الألباني".
وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: (والشفع والوتر) "الفجر: 3" قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى ، والوتر يوم عرفة ، وهو قول عكرمة والضحاك.
وهو اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم ، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان - يعني عرفة - وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها ، فنثرهم بين يديه كالذّر ، ثم كلمهم قِبَلا ، قال: (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) "الأعراف: 172، 173" "رواه أحمد وصححه الألباني".
وهو يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف: ففي صحيح مسلم عن عائشة -- رضي الله عنها - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟).
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة ، فيقول: انظروا إلى عبادي ، أتوني شعثا غبراً) رواه أحمد وصححه الألباني".
وصيام يوم عرفة مستحب لغير الحاج وهو يكفر ذنوب سنتين – سنة سابقة وسنة لاحقة - فقد جاء في صحيح مسلم مرفوعاً: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده". والحديث يدل بظاهره على أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين.
وورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) "رواه مسلم".
والمراد بذلك الصغائر من الذنوب وليست الكبائر وهذا قول جمهور أهل العلم لأنّ الكبائر بحاجة إلى توبة.
قال المناوي في كتابه "فيض القدير" 4/211-212 :
"المكفر الصغائر الواقعة في السنتين فإن لم يكن له صغائر رفعت درجته أو وقي اقترافها أو استكثارها وقول مجلى تخصيص الصغائر تحكم ردوه وإن سبقه إلى مثله ابن المنذر بأنه إجماع أهل السنة وكذا يقال فيما ورد في الحج وغيره لذلك المستند لتصريح الأحاديث بذلك في كثير من الأعمال المكفرة بأنه يشترط في تكفيرها اجتناب الكبائر ..".
وقال أيضا 6/162 :
"قال النووي: والمراد غير الكبائر ، وقال البلقيني : الناس أقسام: منهم من لا صغائر له ولا كبائر فصوم عرفة له رفع درجات ، ومن له صغائر فقط بلا إصرار فهو مكفر له باجتناب الكبائر ، ومن له صغائر مع الإصرار فهي التي تكفر بالعمل الصالح كصلاة وصوم ، ومن له كبائر وصغائر فالمكفر له بالعمل الصالح الصغائر فقط ، ومن له كبائر فقط يكفر عنه بقدر ما كان يكفر من الصغائر".
وينبغي على المسلم أن يحفظ جوارحه عن المحرمات في هذا اليوم: فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الفضل بن عباس رديف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة ، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه من خلفه ، وجعل الفتى يلاحظ إليهن ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ابن أخي ، إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له) "رواه أحمد.
* الإكثار من التهليل والتسبيح والتكبير في هذا اليوم: فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة عرفة ، فمنّا المكبر ومنا المهلل…) "رواه مسلم"
* الإكثار من الدعاء بالمعفرة والعتق في هذا اليوم ، فإنه يرجى إجابة الدعاء فيه: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير) "رواه الترمذي وحسنه الألباني".
فعلى المسلم أن يتفرغ للذكر والدعاء والاستغفار في هذا اليوم العظيم ، وليدع لنفسه ولِوالديْه ولأهله وللمسلمين ، ولا يتعدى في دعائه ، ولا يستبطئ الإجابة ، ويلح في الدعاء ، فطوبى لعبد فقه الدعاء في يوم الدعاء.