ظن وأخواتها ، وتسمى أفعال الشك واليقين ، وهذه الأفعال من عوامل المبتدأ والخبر ولذلك احتاجت إلى مفعولين فالأوَّل ما كان مبتدأ ، والثاني ما صلح أن يكون خبراً.(1)
يقول ابن مالك :
انصب بفعل القلب جزءي ابتدا = أعني رأى خال علمت وجدا
ظن حسبت وزعمت مع عد = حجا درى وجعل اللذ كاعتقد
وهب تعلم والتي كصيرا = أيضا بها انصب مبتدا وخبرا
وخص بالتعليق والإلغاء ما = من قبل هب والأمر هب قد ألزما
كذا تعلم ولغير الماض من = سواهما اجعل كل ماله زكن
من الأمثلة لهذه الأفعال : ( 2)
ظن ، حسب ، خلى ، زعم ، وجد ( بمعنى علم ) ، رأى ( بمعنى علم ).
ــ نقول : ظننت زيدا قائما .
ـ حسبت محمدا جالسا .
ــ خلت أباك كريما.
ــ زعمت أخاك عاقلا.
ــ وجدت الله غالبا.
ــ علمت أبا الحسن عفيفا.
ــ رأيت محمدا ذا مال.
وكذلك ما تصرف من هذه الأفعال ، نحو: أظن ، يحسب ، تخال ، يعلم.
أقسام ظن وأخواتها :
أولاً ـ من حيث النوع(3)
تنقسم ظن وأخواتها من حيث النوع إلى قسمين، هما : أفعال القلوب ، وأفعال التحويل .
أـ أفعال القلوب.
وتنقسم أفعال القلوب إلى قسمين:
1ـ ما يدل على اليقين ، و منها خمسة : رأى ، علم ، وجد ، درى ، تعلم .
2ـ ما يدل على الرجحان ، ومنها ثمانية : خال ، ظن ، حسب ، زعم ، عد ، حجا، جعل ،هب.
وأفعال القلوب منها ما ينصب مفعولين وهو رأى وما بعده ومنها ما ليس كذلك وهو قسمان:
ــ لازم : مثل ــ جبن زيد .
ــ متعد إلى واحد : مثل ــ كرهت زيدا.
ب ـ أفعال التحويل(4)
وأما أفعال التحويل فتتعدى أيضا إلى مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر وعدها بعضهم سبعة هي : صير ، جعل ، هب ، تخذ ، ترك ، رد ،اتخذ.
ـ أمثلة لأفعال القلوب : (5)
ـ مثال الفعل ( رأى )
رأيت الله أكبر كل شيء = محاولة وأكثرهم جنودا
ـ مثال الفعل ( علم )
علمت زيدا أخاك
وقول الشاعر
علمتك الباذل المعروف فانبعثت = إليك بي واجفات الشوق والأمل
ـ مثال الفعل ( وجد )
قوله تعالى :{وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ }. (6)
ـ مثال الفعل ( درى)
دريت الوفي العهد يا عرو فاغتبط = فإن اغتباطا بالوفاء حميد
ـ مثال الفعل ( علم ) وهي التي بمعنى اعلم
تعلم شفاء النفس قهر عدوها = فبالغ بلطف في التحيل والمكر
ـ مثال الفعل (خلت)
خلت زيدا أخاك
ـ مثال الفعل (ظن )
ظننت زيدا صاحبك
ـ مثال الفعل (حسب )
حسبت زيدا صاحبك
ـ مثال الفعل ( زعم)
فإن تزعميني كنت أجهل فيكم = فإني شريت الحلم بعدك بالجهل
ـ مثال الفعل (عد)
فلا تعدد المولى شريكك في الغنى = ولكنما المولى شريكك فى العدم
ـ مثال الفعل (حجا )
قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة = حتى ألمت بنا يوما ملمات
ـ مثال الفعل (جعل )
قوله تعالى :{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ }(7)
ـ مثال الفعل ( هب)
فقلت أجرنى أبا مالك = وإلا فهبني امرأ هالكا
ـ أمثلة لأفعال التحويل
ـ مثال الفعل ( صير)
نحو صيرت الطين خزفا
ـ مثال الفعل ( وجعل)
قوله تعالى {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً }.(
ـ مثال الفعل ( هب )
وهبني الله
ـ مثال الفعل ( وتخذ )
قوله تعالى :{فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً }. (9)
ـ مثال الفعل ( اتخذ )
قوله تعالى : {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }.(10)
ـ مثال الفعل ( ترك )
قوله تعالى : {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً}(11)
وقول الشاعر :
وربيته حتى إذا ما تركته = أخا القوم واستغنى عن المسح شاربه
ـ مثال الفعل ( ورد)
رمى الحدثان نسوة آل حرب = بمقدار سمدن له سمودا
فرد شعورهن السود بيضا = ورد وجوههن البيض سودا
ثانياً ـ من حيث تقديم وتأخير ظن وأخواتها :
أ ـ توسط ظن وأخواتها بين المفعولين
يمكن أن تتوسط ظن وأخواتها بين المفعولين.(12)
ـ نقول في الإعمال : زيدا أظن قائما.
ـ وفي الإلغاء : زيد أظن قائم .
قال الشاعر: ( 13)
أبالأراجيز يا ابن اللؤم توعدني = وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور
ب ـ تقديم المفعولين على ( ظن وأخواتها)
وأمَّا إذا تأخرَّت ظن وأخواتها عن المفعولين فالإلغاءُ أقوى عند الجميع لأنَّ المبتدأ قد وليه الخبر وازداد الفعل ضعفاً بالتأخير بخلاف ما إذا توسَّط .
فإن تأخرت اختير إلغاؤها وجاز إعمالها .
مثال ـ زيد قائم ظننت .
ولو قلت زيدا قائما ظننت . جاز
ثالثاً ـ من حيث التصرف (14)
أفعال القلوب تنقسم إلى متصرفة وغير متصرفة
أـ المتصرفة.
هي كل أفعال القلوب التالية (خال ، ظن ، حسب ، زعم ، عد ، حجا، جعل ،هب ، رأى ، وجد ، درى ).
ما عدا الفعلين ( هب وتعلم ).
فيستعمل منها الماضي المضارع والأمر واسم الفاعل واسم المفعول والمصدر
ـ الماضي : ظننت زيدا قائما
ـ المضارع : أظن زيدا قائما
ـ الأمر : ظن زيدا قائما
ـ اسم الفاعل : أنا ظان زيدا قائما
ـ اسم المفعول : زيد مظنون أبوه قائما
فأبوه هو المفعول الأول وارتفع لقيامه مقام الفاعل وقائما المفعول الثاني .
ـ المصدر : عجبت من ظنك زيدا قائما
ويثبت لها كلها من العمل وغيره ما ثبت للماضى.
ب ـ الجامدة (غير المتصرفة)
فعلان اثنان فقط غير متصرفين وهما ( هب ، تعلم بمعنى اعلم ) فلا يستعمل منهما إلا صيغة الأمر:
مثال : تعلم شفاء النفس قهر عدوها = فبالغ بلطف في التحيل والمكر
مثال : فقلت أجرني أبا مالك = وإلا فهبني امرأ هالكا
رابعاً ـ من حيث إعمال ظن وإلغاؤها
أـ الأعمال :
إذا تقدمت أفعال ظن وأخواتها يجب إعمالها .
مثال : ظننت زيدا كريما.
ب ـ التعليق والإلغاء
اختصت القلبية وهي كل أفعال القلوب المتصرفة التالية (خال ، ظن ، حسب ، زعم ،عد ، حجا، جعل ،هب ، رأى ، وجد ، درى ). بالتعليق والإلغاء.
ـ التعليق : هو ترك العمل لفظا دون معنى لمانع .
مثال : ظننت لزيد قائم .
فقولك لزيد قائم لم تعمل فيه ظننت لفظا لأجل المانع لها من ذلك وهو اللام ، ولكنه في موضع نصب ، بدليل أنك لو عطفت عليه لنصبت .
مثال : ظننت لزيد قائم وعمرا منطلقا .
فهي عاملة في لزيد قائم في المعنى دون اللفظ.
ـ الإلغاء : هو ترك العمل لفظا ومعنى لا لمانع .
نحو زيد ظننت قائم ، فليس لظننت عمل في زيد قائم لا في المعنى ولا في اللفظ.
ويثبت للمضارع وما بعده من التعليق وغيره ما ثبت للماضي.
مثال : أظن لزيد قائم .
مثال : زيد أظن قائم
ـ وغير المتصرفة لا يكون فيها تعليق ولا إلغاء وكذلك أفعال التحويل.
يقول ابن مالك :
وجوز الإلغاء لا في الابتدا = وانو ضمير الشأن أو لام ابتدا
في موهم إلغاء ما تقدما = والتزم التعليق قبل نفي ما
وإن و لا لام ابتداء أو قسم = كذا والاستفهام ذا له انحتم
ـ التخيير بين الإعمال وعدم الإعمال .
وإن توسطت بين المبتدأ وخبره كنت في إعمالها وإلغائها مخيرا.
أي أنه : إذا توسطت ( ظن وأخواتها ) بين المفعولين فإنه يجوز أن تعمل ( أي أن تنصب المبتدأ والخبر ) ويجوز ألا تعمل ( أي لا تنصبهما ) .
وقال البعض أن الإعمال أرجح لأنَّ الفعل أقوى من الابتداء.
تقول في الإعمال : زيدا أظن قائما.
وفي الإلغاء : زيد أظن قائم .
قال الشاعر(15)
أبالأراجيز يا ابن اللؤم توعدني = وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور
فإن تأخرت اختير إلغاؤها وجاز إعمالها .
تقول زيد قائم ظننت .
ولو قلت زيدا قائما ظننت . جاز