يظن معظم الناس بأن البركان ما هو إلا جبل مخروطي الشكل، تخرج من قمته نار ودخان وحمم، ورغـم أن بعض البراكـين تكون كذلك إلا أن كثيراً من الانفجارات البركانية مختلفة عن ذلك تماماً، فبعض هذه الانفجارات يخرج من خلال فتحات موجودة في الأرض، تعرف بالفجوات وبعضها يخرج من خلال فتـحات طويلة موجودة في سطح الأرض تعرف بالشقوق. هناك بعض البراكين لا تطلق ألسنة من اللهب، فكثير منها يطلق سـحباً من البخار والغاز {تعرف بالأبخرة} والدخان. ويتكون الدخان من قطع صخر ورماد متناهية في الصغر.
تصنيف البراكين:
يصنف العلماء البراكين إلى حية وميتة ،حيث إن البراكين الحية هي التي يحتمل أن تثور في المستقبل، والميتة هي التي لن تثور مرةً أخرى أبداً. وقد يكون البركان الحي نشطاً أو ساكناً ،فحينما يثور يكون في حالة نشـاط وعندما لا يثـور يكون سـاكناً.
الانفجارات البركانية: تحدث الانفجارات البركانية عند تدفق الصخر الأحمر الحار من أعماق باطن الأرض، وينسـكب إنا على قاع المحيط أو على السـطح، حيث يخرج هذا الصخر حار جداً إلى درجة السـيولة ،ويسـمى بالصخر المذاب. وإذا كان الصخر المذاب يتدفق تحت سطح الأرض فإنه يسمى الصهارة، وإن كان يتدفق خارجاً من البركان فيسمى الحمم{اللافـا} ،وعندما تبرد الحمم تتحول إلى صخر صلب أسود {يسمى الحمم أيضاً}. تحوي الصـهارة كثيراً من الغـازات وهي التي تسبب الانفجارات عند ثورة البراكين، ويقسم العلماء الانفجارات البركانية إلى أنواع مختلفة ثلاث منها رئيسـية هي :
1- الهاواي: في الانفجار الهاواي تكون الصهارة رقيقة القوام سائلة حيث يمكن للغازات المختلطة بها أن تتسرب بسـهولة ؛ لذلك لا تحدث انفجارات عنيفة.
2- السترومبولي: في الانفجار السترومبولي تكون الصهارة ذات قوام أقل رقة من الصـهارة الموجودة في الانفجار الهـاوايي، وهذا يعني أن الغـازات المختلطة بها لا تستطيع مفارقتها بسهولة ،وأنه سيكون هناك انفجارات عنيفة. وتخرج الحمم في شكل نافورة نار صفراء ضخمة.وتقذف الفجوة كتلاً كبيرة من الصخر، وتتساقط تلك الكتل حول الفجوة وتأخذ شكلً مخروطياً.
3- البليني: في الانفجار البليني تكون الصهارة غليظة القوام، فيكون من الصعب هروب الغازات فتتراكم تحت الأرض.ويؤدي الضغط إلى دفع الصخر إلى أعلى، وفي نهاية الأمر تنفجر الغازات بعنف خارجة من الصخر ،وتؤدي قوة الانفجار إلى تكوين عمود من الغاز يزيد ارتفاعه عن (2) كيلومتراً. وعندما ينفجر الغاز فإنه يهشم الصهارة إلى قطع صغيرة ويقذفها عاليـاً مع عمود الغـاز، وعندما تبرد قطع الصهارة هذه تتحول إلى حجر أبيض يسمى الخفاف.
الصخور البركانية: هناك نوعان من الصخور البركانية هي: 1- البيروكلاستيكي: أو(المكسر). 2- البيروكلاستيكي : أو (الغير مكسر). وقد جاءت كلـمة بيروكلاستكي من الكلمتين الإغريقيتين بيرو (بمعنى النار) وكلمة كلاستك (بمعنى مكسور). تتكون الصخور غير البيروكلاستيكية عندما تأخذ الحمم في البرودة. والحمم تأخذ أشكالاً مختلفة عندما تبرد، حيث يكـون للحمم من نوع Aa سـطح خشن بعد أن تبرد، في حين يكون للحمم من نوع باهوهو سطح أملس يشبه الحبال، وقد جاء كلا الاسمين من هاواي. وعندما تبرد الحمم تحت الماء فإنها تشكل حمماً وسادية.
تتكون الصخور البيروكلاستيكية من الصخور المقذوفة خـارج البركان أثناء ثورانه، وفي بعض الأحيان تكون هذه الصخور لحظة ارتطامها بالأرض حارة إلى درجة أنها تتماسك مع بعضها فتشكل صخراً صلباً.
المخاريط وفوهة البركان: ولقد رأينا أن الصخر والرماد الخارجين بفعل الانفجارات العنيفة يكونان مخاريط منحدرة، وفي بعض الأحيان تنهار هذه المخاريط مخلفة فوهة تسـمى (كالديرا)، ويحدث هذا في حالة الانفجار البليني. وتستنفد قوة الانفجار كل الصهارة الموجودة تحت البركان بسرعة كبيرة. الأمر الذي يترك حفرة تحت الجزء العلوي من المخروط ،وفي حالـة استمرار ثوران البركان تنهار الفوهة إلى الداخل، وبهذه الكيفية اختفى بركان (كراكاتوا). يبلغ قطر بعض الكالديرات بضعة كيلومترات.وبعضها يكون ضخماً، فمثلاً يبلغ قطر الكاديرا في نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية 23كيلومتر.
فيزوف يثور: وضع أحد كتاب الرومان القدامى أول مخطوط مفصـل، لانفجار بركاني، فقد راقب بليني الأصغر انفجار بركان فيزوف في جنوب غرب إيطاليا سنة(79م) ومات عمه بليني الأكبر أثناء الانفجار. ثار بركان فيزوف فجأة في أغسطس عام (79م)، وخلال ساعات كانت مدينة بومبي ومدينة ستاباي مغطاتين بالخفاف الأبيض ،وعند بدء انفجـار البركان كان بليني مقيماً في مدينو ميسينا مع والدته وعمه، وتبعد هـذه المدينة عن البركان حوالي (30 كيلو متر) أي أنها خارج نطاق الأضـرار، ويقول بليني في رسالة كتبها إلى أحد أصدقائه: {في ظهيرة يوم 24أغسطس لفتت والدتي انتباه عمي إلى سـحابة سوداء كبيرة. فأمر بإعداد قارب له (ليستطيع الاقتراب من فيزوف).وبينما هو يهم بالمغادرة سلمت إليه رسالة من ركيتينا التي كان بيتها واقعاً على سفح فيزوف وهي تتوسل فيها إليه أن يسارع لإنقاذها، ولدى علمه بالأمر صرف النظر عن رحلته العلمية وجعلها رحلة إغاثة ،فأمر السفن الحربية بالإقلاع على الفور. كان كل شخص يغادر منطقة الخطر التي أبحر إليـها هو بشجاعة. وعند اقتراب السفن من شاطئ بومبي كان الرماد يتساقط بغزارة متبوعـاً بشظايا الخفاف والأحجار المتفحمة.اكتظ الشاطئ بالحـطام إلى درجـة اضطروا معها إلى تحويل اتجاههم نحو ستاباي. وما إن وصلوا حتى كانت الزلازل تهز المبنى، وتمتلئ السـاحة التي كانوا يقفون فيها بالرماد بسرعة، فعادوا إلى الشـاطئ رابطين على رؤوسهم الوسائد لحمايتها من الحـطام المتساقط حيث أرادوا تقصي إمكانية هربهم عن طريق البحر فرأوه هائجاً خطراً، ووضعت ملاءة على الأرض لعمي ليستريح عليها، وسرعان ما جاءت رائحة الكبريت منذرة بقرب نشوب حريق، ونهض عمي متكأً على اثنين من خادميه ثم انهار فجأة ربما لأن الأبخرة الكثيفة سدت قصبته الهوائية}.وعثر بليني على جثة عمه بعد يومين.لقد مكثت مدينة بومبي مغطاة بالخفاف لعدة قرون. وفي سنة 1748م شرع الناس في الحفر للكشف عن المباني المدمرة. واليـوم تستطيع أن تمشي بين أطلال معظم أرجاء مدينة بومبي.
النشاط البركاني:
المنافذ البركانية الصغيرة:
تتسـرب الغازات من الأرض في بعض الأماكن طوال الوقت، ولـيس فقط
أثناء انفجار البركـان، وتخرج هذه الغـازات من خلال ثقوب تسمى المنافذ
البركانية الصغيرة، وتوجد هذه المنافذ في المناطق المتاخمة للبراكين، ويقوم العلماء
بدراسـة الغازات الخارجة من هذه المنـافذ لمعـرفة ما يجري تحت البركان،
ويأملون أن يصبحـوا قادرين علـى استخدام المعلومات التي يحصلون عليها للتنبؤ بموعد انفجاره التالي.
تحوي الغازات الآتية من المنافذ البركانية الماء وثاني أكسـيد الكربون وأملاحاً
كثيرة من معادن مختلفة، تتجمع هذه الأملاح حـول المنافذ فتلون الأرض، فالكبريت يلونها باللون الأصفر، والكلوريد باللـون الأبيض، تشمل الألوان
الأخرى النحاس مع النيكل باللون الأخضر والكوبالت مع الرصـاص بلون
قرنفلي _أزرق ،والمنجنيز مع الزنك بلون قرنفلي. كمـا أن الكبريت يجعل
للمنافذ رائحة كريهة كرائحة البيض الفاسد.
ينابيع وفوهات المياه الساخنة: في المناطق البركانية يخرج الماء الحار من أعماق الأرض، فهو يسخن أثناء تدفقه فوق الصخور الحارة الموجودة تحت الأرض ويحوي على الغاز، وحيثما تكون
كمية الغاز كبيرة يفور الماء على شكل ينابيع حارة.
وينطلق الماء في بعض الأماكن على شكل ينابيع ونوافير تسمى فوارات المياه الساخنة ،ومن أفضل الأمثلة على ينابيع وفوارات المياه الساخنة الموجودة في
العالم هـي تلك التي في يلوستون بالولايات المتحدة الأمريكية، وروترروا في
نيوزيلندة. ويوجد في منتزه يلستون ما يقرب من 10000ينبوع حار.
تعريف ثاني للبراكين:
البركان كما نعرفه شق في صخور القشرة تنبعث من فوهته حمماً ملتهبة ومواد
صـلبة وغازية منبعثة من باطـن الأرض عبر المدخنة (القصبة) حتى تخرج من الفوهة، تزيد درجة حرارتها عن 1200مْ.
كيف تصعد الصهارة إلى سطح الأرض ؟
تقع الصهارة تحت عدة عوامل، هي :
1_ الحــرارة.
2_ ضغط صخور القشرة الأرضية.
3_ ضغط الكميات الهائلة من الغازات والأبخرة المحصورة.
فعندما تنشق القشـرة الأرضية في مكان ما من أمكنة الضعف فيهـا، تندفع
الصهارة في شق تحت تأثير ضغط الغازات المرتفع، وتتفجر حمماً على سـطح
الأرض.
وعندما تبرد الحمم وتتصلب، تكون ما يعرف بالصخور البركانية.
المظهر العام للبراكين:
تتدفق الصهارة في الحالات العمة للبراكين من فتحة في قمـة البركان تدعـى
فوهة البركان وفي البراكين الخامدة تكون الفوهة عبارة عن منخفض عميق، له انحدار شديد وتتراكم المواد البركانية حول فوهة البركان ،على هيئة جبل مخروطي الشكل. وفي البراكين الخامدة تتحول الفوهات إلى بحيرات ماء
البحيرات من السوائل الحمضية والمياه المعدنية الكبريتية.
وللبركان في بعض الحالات فوهات ثانوية على سفح الجبل، وهذا دليل على
قوة ضغط الصهارة المتصاعدة، وضيق عنق الفوهة الرئيسة أو انسـداده.و
إذا لم تنفتح فوهة جانبية لتنفيس ضغط الصهارة، فقد ينفجر الجبل البركاني، ويتكون مخروط جديد في داخل فجوته.
ملاجئ ضد البراكين :
لقد أصبح بوسع العلماء التنبؤ بصورة تقريبية عن مكان تدفق الحـمم عنـد
انفجار البركان.فهي تنحدر نحو الوديان والأراضي المنخفضة.وعليـه يجـب
عدم إنشاء المدن والقرى في تلك الأماكن قرب بركان نشط.
ويعد الرماد المتساقط مشكلة أخرى، ففي المواضع القريبة من البركان يجب أن
تكون المنازل ذات أسطح مائلة حتى ينزلق الرماد عنها.
هناك طريقة بسيطة جداً لحماية الناس من السحب المتوهجة، كما سنلاحظ في القصة التالية :حدث في عام 1902م أن أدخل رجل يدعى{ أغسطـس
سليباريس سجن سانت بيير في جزر المارتينيك، وكان السجن مبنياً من الحجر
السميك. وعندما ثار بركان مونت بيليه بعد أيام قليلة أدت سحابة متوهجة
إلى مقتل 30000شخص في المدينة، غير أن { أغسطس سايباريس } نجـا,
فقد حمته جدران السجن المبنية من الطوب السميك ،فبإمكان النـاس بنـاء
ملاجئ تشبه سجن سايباريس بشكل بسيط ورخيص جداً، وذلك باستعمال أنابيب خرسانية كبيرة مدفونة بجانب أحد التلال.
آثار البراكين :