يريدنا بعضهم أن نعظ فقط عن رحمة الله و محبته دون غضبه و دينونته.ولسان حالهم يقول: أن مراحم الله واسعة ولسنا نظن أن الله يهلك أحدا.و جوابنا على مثل هذا القول هو ان الله رحيم و محب إلى أقصى الحدود، ولكنه في الوقت نفسه قدوس و عادل إلى أقصى الحدود أيضا.أنه يكره الخطية وهو مقتص منها عاجلا أم آجلا.و خير برهان على ما أقول هو الصليب.فالله القدوس العادل _ والمحب والرؤوف _ لم يشفق على ابنه بل بذله لاجلنا أجمعين انتقاما منه للخطية.و عليه لست أعتقد أن الله الذي لم يشفق على ابنه يمكن أن يشفق على الإنسان أن هو رفض عمل المسيح! والبرهان الثاني على قولي هذا هو ان المسيح نفسه علم بوجود جهنم والعذاب الأبدي فيها.بل أن المسيح تكلم عن جهنم أكثر منه عن السماء.و في هذا المثل _ مثل لعازر والغني _ ما يكفي لأن يعطينا صورة واضحة عن العذاب في الجحيم الذي علم عنه كتاب الله من أوله إلى آخره.
أنه أولا، عذاب العسير أي النار . قال الرب عن هذا الغني أنه "رفع عينيه في الهاوية وهو العذاب .. فنادى و قال أني معذب في هذا اللهيب".يدعو يوحنا الحبيب المكان نفسه في سفر الرؤيا "بحيرة النار" و "البحيرة المتقدة بنار و كبريت" ثم يصف العذاب بقوله "و يصعد دخان عذابهم إلى الأبد الآبدين".
يقول أحد رجال الله: "لا أعرف نوع النار في الجحيم.فقد تكون رمزية.ولكن أن كان هذا هو حال الرمز فماذا يكون المرموز إليه.يا إلهي ما أفظع المكان.أنا لا أريد الذهاب إليه"
أخي، أن كانت النار الأرضية الوقتية لا تحتمل ولا تطاق فماذا يكون شأن النار الأبدية؟ لا يغربنَّ عن بالك أن العذاب هذا سيشمل النفس والجسد معا.الغني هنا يتعذب نفسا لا جسدا بانتظار يوم القيامة حين تلبس الأرواح الأجساد و يطرح الجسد والنفس معا في مكان العذاب.و هذا يناقض الرأي القائل بالفناء عند الموت أو برقاد النفس مع الجسد عند الموت.فالنفس تتألم و كذلك الجسد.قال يسوه: "خافوا من الذي يقدر أن يطرح النفس والجسد كليهما في جهنم" أي خافوا من الله الذي وحده له هذا السلطان _ سلطان إرسال الإنسان كاملا إلى الجحيم.
واليك الآن بعض العبارات التي نطق بها الغني في هذا المثل: قال الغني: "أرسل لعازر ليبل طرف إصبعه بماء و يبرد لساني لأني معذب في هذا اللهيب" ثم خاطب إبراهيم قائلا: "أسألك إذا يا أبت أن ترسله إلى بيت أبي لكي لا يأتوا هم أيضا إلى موضع العذاب هذا".فهو اذا عذاب العسير.
ثم هو عذاب الضمير . وما أقساه عذاب! أنه كالسياط اللاذعة لا سيما متى استيقظ يقظته الأبدية.فأن كان عذاب الضمير في الدنيا صعبا لا يطاق فكم بالحري في الآخرة.هاك صورة من الكتاب المقدس عن أناس قضّ عذاب الضمير مضجعهم:
لما أمر داريوس بطرح دانيال في جب الأسود لم يعرف النوم طيلة الليل.
لما قتل قايين أخاه هابيل قال: ذنبي أعظم من أن يحتمل.
لما سمع هيرودس عن يسوع ظنه يوحنا المعمدان فقال: هذا يوحنا الذي قطعت أنا رأسه.
لما سمع يهوذا عن يسوع فقال: هذا كان بريئا ثم مضى و خنق نفسه.
أخي! أعلم أن الضمير سيجعل الإنسان يردد طوال الأبدية أيا ليتني أطعت، يا ليتني اقتنعت، يا ليتني سمعت، و يا ليتني تبعت ... يسوع المسيح.و هل تعرف من الذي سيقول هذا القول؟ الذي يتكل على طائفته مثل هذا الفني، الذي لا يكترث لكلمة الله، الذي يرفض شهادة المؤمنين بيسوع، الذي يتشبث برأيه، الذي يرفض رحمة الله، الذي يؤثر الأمور الدنيوية الفانية على الأمور الباقية، الذي ينسى الله و يحيا كأنه غير موجود.و من ناحية أخرى يتعذب صاحب الضمير عندما يتذكر تفاهة الأمور التي تعلق بها، و عندما يفكر ببساطة طريق الخلاص، و عندما يفكر بخسارته التي لا تعوض.نعم هو عذاب العسير و عذاب الضمير، وايضا:
عذاب المصير، واعني أبدية المصير.قال إبراهيم: "بيننا و بينكم هو ة عظيمة قد أثبتت حتى أن الذين يريدون العبور من ههنا إليكم لا يقدرون ولا الذين من هناك يجتازون ألينا ." و معنى هذا أن المصير نهائي لا تحويل فيه ولا تبديل ولا تعديل.و هذا ينفي كل تعليم يقول بعذاب مخفف أو وقتي أو بمكان وسط بين الجحيم والنعيم.
و هذا الكلام لقصد التخويف بل بالحري لاظهار الحق الكتابي.فمن يحدثكم عن رحمة الله و محبته دون غضبه و قضائه فأنه يخونكم.وليس لي نصيحة أفضل من تلك التي قدمها إبراهيم لهذا الغني المسكين إذ قال له "عندهم موسى والأنبياء" أي عندهم الكتاب المقدس فليرجعوا إليه.و نحن أيضا: "عندنا الكتاب المقدس" الذي يشهد و يتكلم عن طريق الخلاص من الخطية والجحيم بواسطة يسوع المسيح الذي مات و قام من أجلنا .
ليكن الغني عبرة لنا لئلا نندم حين لا ينفع الندم.
صـــلاة: شكرا لك يا رب لأنك مت لكي تخلصنا خلاصنا أبديا لكي تخلصنا من خطايانا و من جهنم. فقد احتملت العذاب لكي لا نتعذب نحن، و قد عطشت على الصليب لكي لا نعطش نحن، و قد احتملت ترك الآب لك لكي لا نترك نحن، و كل ذلك حبا بنا.هبنا الحكمة لكي نستفيد من هذه الفرصة الثمينة فنأتي إليك من كل القلب و نضع نفوسنا بين يديك متكلين على نعمتك وحدك و بذلك نفرح قلبك و نفرح نحن.باسم المسيح.أمين