معنى الجلاجل:
اختلف العلماء في معنى الجلاجل، فقيل: ما اعتادته العرب وأهل القرى من وضع حلق من حديد داخل الدف, وهي شبيهة بالسلاسل.
وقيل هي: الصنوج (أي الحلق) اللّطاف التي تؤخذ من صفر وتوضع في خروق تفتح لها في جوانب الدفّ (57).
وعبر بعضهم عن هذه الحلق باسم الصراصر أو الصراصير(58).
حكم الدفوف ذات الجلاجل:
اختلف الفقهاء – رحمهم الله – في حكم الضرب بالدفوف ذات الجلاجل – على قولين:
القول الأول: المنع.
وبه قال بعض الحنفيه، وهو قول عند المالكية، وقال به بعض الشافعية، وهو مذهب الحنابلة(59).
الأدلة:
1. أن هذه الجلاجل المصاحبة للدف أشد إطراباً من كثير من الملاهي المتفق على تحريمها، فتلحق بها (60).
وقد أجيب بعد التسليم لما ذكروه، فإن هذه الدفوف لا تبلغ درجة إطراب الملاهي المحرمة (61).
2. أن هذه الدفوف مما يتخذه أهل الفسق وأعوان شربه الخمر، فيكون اتخاذها تشبهاً بهم فيمنع(62).
القول الثاني: الإباحة.
وهو قول عند المالكية وهو الأصح عند الشافعية(63).
الأدلة:
استدلوا بعموم الاخبار التي جاءت بإباحة الدفوف دون تحديد نوع بعينه، ومن أدعى أن هذه الدفوف لم تكن بجلاجل فعليه الإثبات(64).
وأجيب عن هذا بأن الدفوف معروفة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي وإن لم تكن مقيدة بخلوها من الجلاجل من جهة النص إلا أنها مقيدة من جهة العرف(65).
القول الثالث: التفصيل.
ومفاده أن الدفوف ذات الجلاجل على نوعين:
أحدهما: ما اعتادت العرب وهل القرى وبعض متفقهة الأمصار الضرب به. وهو عبارة عن وضع بعض الحلق من الحديد داخل الدف على شبه السلاسل.
النوع الثاني: ما يتخذه أهل الفسق والمجون من الدفوف التي تحتوي على حلق توضع في خروق تفتح لها في جوانب الدف. فيكون لها صوت مطرب كأصوات بقية الملاهي أو أشد، فيجوز اتخاذ النوع الأول دون الثاني، وذهب إلى هذا القول ابن حجر الهيثمي في كتابه كف الرعاع(66).
ولعل مستنده: أن النوع الأول قريب من معنى الدف المباح فيلحق به لاعتياد الناس عليه، ولا دليل على إخراجه من عموم إباحة الدف، أما الثاني ففيه تشبه بأهل الفسق والمجون لأن هذه الدفوف من شأنهم، فيحرم لذلك.
الترجيح:
يظهر لي – والله أعلم – أن القول بكراهة الدفوف ذات الجلاجل أولى من غيره وأرجح, لأن الدف معروف لدى العرب على هيئة معتادة، وإدخال هذه الجلاجل عليه شئ زائد
ولاأرى الجزم بالتحريم، لشمول اسم الدف لهذا النوع, وكونه معروفاً بهذا الاسم عند طوائف من الناس كما ذكر في ذلك القول. والله أعلم