يتمثل تشكيل التربة أو ما يعرف بتكوُّن التربة في مجموعة من العوامل التي تؤثر بدورها على المادة الأم التي تتكون منها التربة؛ ألا وهي العوامل البيولوجية والكيميائية والفيزيائية بالإضافة إلى العمليات التي تتعلق بتاريخ تطور الإنسان على سطح الأرض وتدخله بدوره في تكوين التربة. ومن بين العوامل التي أدت إلى نشأة التربة هذه العمليات التي ساهمت في تكوين طبقات أو نطاقات قطاع التربة وتطورها. وتتضمن هذه العوامل عمليات نحت المواد المكونة للتربة وحملها لنقلها إلى مكان آخر ثم إرسابها في هذا المكان. إن المعادن التي أُخذت من تفتت الصخور التي تعرضت لعوامل التعرية قد تخضع لتغيرات ينتج عنها تكوين معادن ثانوية والعديد من المركبات الأخرى التي تتفاوت في درجة ذوبانها في الماء، وهذه المكونات قد تنتقل من منطقة ما على سطح الأرض إلى منطقة أخرى بفعل الماء أو أي نشاط آخر يقوم به الكائن الحي. وبالتالي، أدت حركة هذه المواد داخل التربة والتغيرات التي تعرضت لها إلى تكوين طبقات التربة المختلفة. لذا، فإنه ينتج عن عوامل التعرية التي تتعرض لها الطبقة الصخرية ترسب المادة الأم التي تتكون منها أنواع التربة. ومن بين الأمثلة الدالة على تطور التربة التي تكونت من الصخور العارية نذكر تدفق الحمم البركانية (أو اللابة lava) التي أدت في الآونة الأخيرة إلى تكون كتل سائلة خرجت من البراكين في المناطق الحارة وذلك بعد تعرضها لسقوط أمطار غزيرة عليها بشكل متكرر. في مثل هذه الأجواء، تنمو النباتات سريعًا على الطبقة البازلتية التي تكونت بفعل الحمم البركانية، وذلك على الرغم من افتقارها إلى المواد العضوية المفيدة لنمو النباتات. ولكن هذه النباتات تعتمد على في نموها على المسام التي توجد في الصخور حيث أنها تحتوي على نسب كبيرة من الماء الذي تتغذى عليه هذه النباتات، والذي يمكن أن ينقل معه السماد الذي تكوَّن بفعل الطيور وبقايا الحيوانات التي تحللت بمرور الزمن على سبيل المثال. وبعد ذلك وفي مراحل النمو المختلفة، تعمل جذور النباتات وحدها أو بمساعدة الفطريات الجذرية على تخلل مسام طبقة الحمم البركانية بشكل تدريجي، وفي غضون فترة زمنية قصيرة تتكون المواد العضوية اللازمة لنمو هذه النباتات.[9] مع ذلك، وحتى قبل أن تتم هذه العملية، فإنه يمكن اعتبار الحمم البركانية التي تتخللها المسام بكثرة والتي تنمو بها النباتات أحد أنواع التربة. هذا، ويتأثر مدى استمرار دورة حياة التربة على الأقل بخمسة عوامل رئيسية ساهمت في تكوين التربة، وبالتالي تشترك جميعها في تحديد الطريقة التي سيتم من خلالها تطوير التربة. وتتلخص هذه العوامل في المادة الأم المكونة للتربة والمناخ السائد وطوبوغرافية المنطقة (طبيعة التضاريس فيها) والعوامل الحيوية ومرور الزمن