تفسير سورة البينة
تفسير سورة البينة
سورة البينة
ثماني ءايات وأربع وتسعون كلمة وثلاث مائة وتسعة وتسعون حرفا مدنية على قول جمهور المفسرين وفي رواية عن ابن عباس أنها مكية وبه قال يحيى بن سلام يقول ربنا عز من قائل: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيّنَةُ}.
اسمعوا معي لم يكن الذين كفروا سماهم كفارا وسماهم أهل كتاب، سماهم أهل كتاب لأنهم من حيث الأصل هم أهل كتاب من حيث الجدود وهم ينسبون أنفسهم للكتاب فاليهودي اليوم لو سألته يقول نحن أهل التوراة والنصراني اليوم لو سألته يقول نحن أهل الإنجيل لذلك لأنهم ينسبون أنفسهم للكتاب ولأنهم أهل كتاب من حيث الأصل سماهم ربنا أهل كتاب.
ولكنهم كفار لذلك ربنا قال لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين لأن الكفار كانوا جنسين أهل كتاب ينسبون أنفسهم للتوراة والإنجيل وهم اليهود والنصارى والمشركون وهم عبدة الأوثان.
اليهود كفروا لأنهم أنكروا نبوة محمد قالوا لا يكون نبي من غير ذرية داود فأنكروا نبوة محمد وقالوا عزير ابن الله نسبوا الولد لله وربنا يقول لم يلد ولم يولد ربنا يقول ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله، قالوا عزير ابن الله وشبهوا الله بخلقه قالوا إن الله لما خلق السموات والأرض تعب قالوا تعب فاستلقى على قفاه وهذا كفر وضلال لأنه تشبيه لله بخلقه.
أولا وصفوا الله بالتعب وهو صفة نقص والنقص لا يليق بالله ربنا يقول ولقد خلقنا السموات والأرض في ستة أيام وما مسنا من لغوب وما مسنا من لغوب أي وما مسنا من تعب لأن الذي يتعب يكون له جوارح كالإنسان لذلك ربنا لا يوصف بالتعب لأنه لا يوصف بالجوارح لا يوصف بأن له ظهر لأن الله لا يشبه خلقه لأنه مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك كفر اليهود قالوا عزير ابن الله شبهوا الله بخلقه فوصفوه بالتعب وأنكروا نبوة محمد وغير ذلك من الكفريات والعياذ بالله.
وأما النصارى فقد قالوا المسيح ابن الله فقد كفروا بهذا وقالوا ثالث ثلاثة فجعلوا له شركاء وأنكروا نبوة محمد وكفروا بالجنة فقالوا لا أكل ولا شرب في الحنة وإنما يعتبرون أن الجنة نعيم معنوي بالروح فقط وليس بالجسد وربنا قال ولهم فيها ما يشتهون إذا لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أي عبدة الأوثان منفكين إنفك الشىء عن الشىء إذا انفصل والمعنى أي لم يكونوا تاركين للكفر ومنفصلين ومنتهين عن الضلال حتى تأتيهم البينة وهنا لفظ الاستقبال والمعنى للماضي.
قال بعض أهل التفسير ومن هنا عرفنا أن هذه الآية فيمن ءامن وأسلم من الفريقين لم يتركوا الكفر لم ينفصلوا عن الضلال حتى جاءت البينة ما هي هذه البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهره هو محمد بن عبد الله رسول ربّ العالمين وخاتم الأنبياء والمرسلين.
لا نبي بعده يتلو صحفا مطهرة كيف هذا وهو أي لا يقرأ المكتوب ولا يكتب شيئا لذا فإن المعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو ما تضمنته الصحف وليس المعنى أنه كان يمسك الصحيفة فيتلو فيها لا وإنما يتلو صحفا أي يتلو ما تضمنته الصحف عن ظهر قلب لأنه حفظ القرءان عن جبريل، مطهرة أي ليس فيها باطل مطهرة صافية عن الباطل والزيغ فيها كتب قيمة أي فيها ءايات مكتوبات كتب أي مكتوبات ءايات قيمة أي مستقيمة ليس فيها اعوجاج ولا انحراف. وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة.
يعني أن اليهود والنصارى كانوا على إتفاق أن نبي ءاخر الزمان هو محمد لأنهم وجدوه في التوراة والإنجيل كما قال ربنا سبحانه {ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد} وجدوا في التوراة والإنجيل أن محمدا هو رسول ءاخر الزمان فكانوا متفقين على ذلك حتى جاءهم فاختلفوا فيه فمنهم من ءامن ومنهم من كفر.