در عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء أمس بيان فى أن اجتماع الامة يكون فى التمسك بالكتاب والسنة فيما يلى نصه :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد :
فإن الله عز وجل قد أمر باجتماع هذه الامة ونهى عن التنازع قال تعالى : ﴿ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [سورة الأنفال : 46 ] ولن يحصل اجتماع الامة إلا بالتمسك بالكتاب والسنة ولذا أمر الله بالاعتصام بحبل الله المتين قال تعالى : ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ﴾ [سورة آل عمران : 103 ] وأمتنا الاسلامية وهى تواجه ما يحف بها من مخاطر متنوعة فى أمس الحاجة الى التمسك بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم متوخية فى ذلك نهج صحبه الكرام رضي الله عنهم ولقد وجهنا الله سبحانه وتعالى الى هذا المنهج القويم فى كتابه الكريم حيث قال سبحانه : ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [سورة الأنعام : 153 ].
فاجتماع الأمة ووحدتها وعزها فى التزام ذلك الصراط المستقيم الذى سلكه نبينا محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام وعدم الحيد عنه وبذلك يحصل رضا رب العالمين والفوز بجنته وقد قال النبى - صلى الله عليه وسلم - : « تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتى » .
وحيث إن النصح لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم من الواجبات الشرعية وكان من النصح لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم كتابة بيان حول ما تناقلته بعض وسائل الاعلام عن بعض المحسوبين على الامة نوضح فيه حقيقة دعواه التى حاول فيها أن يلبس على عموم المسلمين ويخدع بها من لا يبصر الامور فقد ادعى ذلك المتكلم أن الدولة المسماة بالدولة الفاطمية هى دولة الاسلام التى يكمن فيها الحل المناسب فى الحاضر كما كان حلا فى الماضى وهذا من التلبيس ومن الدعاوى الباطلة وذلك لعدة أمور منها :
أولاً : أن تسمية تلك الدولة بالفاطمية تسمية كاذبة أراد بها أصحابها خداع المسلمين بالتسمي باسم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بين العلماء والمؤرخون فى ذلك الزمان كذب تلك الدعوى وأن مؤسسها أصله مجوسي يدعى سعيد بن الحسين بن أحمد بن عبدالله بن ميمون القداح بن ديصان الثنوي الاهوازي وسعيد هذا تسمى بعبيد الله عندما أراد إظهار دعوته ونشرها ولقب نفسه بالمهدي.
فالنسبة الصحيحة لدولته أن يقال "العبيدية" كما ذكر ذلك جملة من العلماء المحققين ويظهر من نسب مؤسسها الذى ذكر آنفاً أن انتسابهم الى آل البيت كذب وزور وأنما أظهروا ذلك الانتساب لاستمالة قلوب الناس اليهم
قال العلامة ابن خلكان في ( وفيات الاعيان ) ( 3/118 ) : ( والجمهور على عدم صحة نسبهم وأنهم كذبة أدعياء لا حظ لهم فى النسبة المحمدية أصلا ).
وقال الذهبيّ في ( العبر فى خبر من غبر ) ( ج 2/ص 199 ) : ( المهدي عبيد الله والد الخلفاء الباطنية العبيدية الفاطمية افترى أنه من ولد جعفر الصادق) وقد ذكر غيرهما من المؤرخين أنه فى ربيع الاخر من عام 402 هـ كتب جماعة من العلماء والقضاة والاشراف والعدول والصالحين المحدثين وشهدوا جميعا أن الحاكم بمصر وهو منصور الذى يرجع نسبه الى سعيد مؤسس الدولة العبيدية لا نسب لهم فى ولد علي بن أبي طالب وأن الذى ادعوه اليه باطل وزور وأنهم لا يعلمون أحدا من أهل بيوتات على بن أبي طالب رضي الله عنه توقف عن إطلاق القول فى انهم خوارج كذبة وأن هذا الحاكم بمصر هو وسلفه كفار فساق فجار ملحدون زنادقة معطلون للاسلام جاحدون ولمذهب المجوسية والثنوية معتقدون قد عطلوا الحدود وأباحوا الفروج وأحلوا الخمر وسفكوا الدماء وسبوا الانبياء ولعنوا السلف وادعوا الربوبية وكتب سنة اثنتين وأربعمائة ).
قال ابن كثير في ( البداية والنهاية ) ( 11/346 ) بعد أن نقل هذا : ( وقد كتب خطه فى المحضر خلق كثير ) .
ثانياً : أظهارهم التشيع لآل البيت :هذه الدعوى أظهروها حيلة نزعوا اليها استغلالا لعواطف المسلمين لعلمهم بمحبة أهل الاسلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وقد ذكر الغزالى وغيره من العلماء أنهم فى الحقيقة باطنيون. انظر ( مرآة الجنان ) ( 3/107 ) .
وقال النويريّ : ( وحكى الشريف ابوالحسين محمد بن على المعروف بأخى محسن فى كتابه أن عبدالله بن ميمون كان قد سكن بساباط أبي نوح وكان يتستر بالتشيع والعلم فلما ظهر عنه ما كان يضمره ويستره من التعطيل والاباحة والمكر والخديعة ثار عليه الناس وقد ذكر من الثائرين عليه الشيعة والمعتزلة وغيرهم فهرب الى البصرة ). انتهى باختصار.
ثالثاً : حال تلك الدولة وما كانوا عليه : أجمل العلماء حالهم فى جملة مشهورة قالها أبو بكر الباقلانى والغزالي وابن تيمية وهى أنهم يظهرون الرفض ويبطنون الكفر المحض.
قال الباقلانيّ عن القداح جد عبيد الله : ( وكان باطنيا خبيثا حريصا على إزالة ملة الاسلام أعدم العلماء والفقهاء ليتمكن من أغواء الخلق وجاء أولاده على أسلوبه أباحوا الخمور والفروج وأفسدوا عقائد خلق ) . انظر ( تاريخ الاسلام ) ( 23/24 ).
قال أبو الحسن القابسي صاحب "الملخص" الذى قتله عبيد الله وبنوه بعده : ( أربعة آلاف رجل فى دار النحر فى العذاب ما بين عالم وعابد ليردهم عن الترضي عن الصحابة فاختاروا الموت ).
قال السيوطيّ في ( تاريخ الخلفاء ) ( ج 1/ص 526 ) : ( ومن جملة ذلك ابتداء الدولة العبيدية وناهيك بهم إفسادا وكفرا وقتلا للعلماء والصلحاء ).
قال الشاطبيّ المالكيّ في ( الاعتصام ) ( ج 2/ص 44 ) : ( العبيدية الذين ملكوا مصر وأفريقية زعمت أن الاحكام الشرعية إنما هى خاصة بالعوام وأما الخواص منهم فقد ترقوا عن تلك المرتبة فالنساء بإطلاق حلال لهم كما أن جميع ما فى الكون من رطب ويابس حلال لهم أيضا مستدلين على ذلك بخرافات عجائز لا يرضاها ذو عقل ).
رابعاً : موقف العلماء من تلك الحقبة : كان العلماء يظهرون الشناعة على العبيديين وعلى أفعالهم المشينة ومما يبين لنا موقف العلماء ويجمله ما صنعه السيوطي فى تاريخه (تاريخ الخلفاء) ( ص 4 ) حيث قال : ( ولم أورد أحدا من الخلفاء العبيديين لان خلافتهم غير صحيحة وذكر أن جدهم مجوسي وإنما سماهم بالفاطميين جهلة العوام ) .
خامساً : أن مما يتبين لكل أحد بعد الاطلاع على أقوال العلماء والمورخين أن هذه الدولة الفاطمية كان لها من الضرر والاضرار بالمسلمين ما يكفي فى دفع كل من يرفع لواءها ويدعو بدعوتها لذا نجد أن المسلمين فى الماضى فرحوا بزوالها على يد الملك الصالح صلاح الدين الايوبي - رحمه الله تعالى - في عام 567 هـ
فلا يجوز بعد هذا كله أن ندعو الناس الى الانتساب الى تلك الدولة العبيدية الضالة ومثل هذه الدعوة غش وخيانة للاسلام وأهله ونصيحتنا لائمة المسلمين وعامتهم بالاعتصام بالكتاب والسنة وجمع القلوب عليهما يقول النبي - صلى الله عيه وسلم - : « أن الله يرضى لكم ثلاثا أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم »رواه مسلم.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء
الرئيس
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
أعضاء اللجنة :
عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان
صالح بن فوزان الفوزان
أحمد بن على سير المباركى
عبد الله بن محمد المطلق
عبد الله بن محمد الخنين
سعد بن ناصر الشثرى
محمد بن حسن آل الشيخ
يوسف بن محمد الغفيص.
المصدر : جريدة الرّياض الاثنين 21 ربيع الأول 1428هـ - العدد 14168