الانتخاب الفردي ويعرف كذلك بـ الانتخاب الحر المباشر وأيضا انتخاب الأكثرية العددية وهي نظام قائم على الأغلبية العددية وآلية انتخابية للتمثيل النسبي تستخدم طريقة الاقتراع التفضيلي لانتخاب مرشحين في دوائر متعددة المقاعد. أما الأصوات الفائضة عن الحاصل الانتخابي التي يحصل عليها مرشّح معيّن، فتُعطى للمرشحين الآخرين.
وهو النوع السائد والفائز في سباق المنافسة على احتلال المقاعد هو الحائز على الأغلبية النسبية أي على عدد من الأصوات أكثر من أي مرشح آخر في الدائرة، بغض النظر عن نسبة ما يمثله ذلك العدد الحائز عليه المرشح بالنسبة لمجموع عدد الناخبين الصحيح في الدائرة.
فمثلاً، دائرة انتخابية يتسابق فيها عشرة مرشحين ؛ وبلغت الأعداد الصحيحة للمقترعين – التي تم احتسابها – عشرة آلاف صوتاً.. ففي حالة استقطاب المرشحين العشرة لجميع الأصوات، فيمكن أن يكون المرشح الحائز على ألف وواحد صوتاً أن يفوز بالمقعد النيابي. ومن الواضح أن الأصوات المحددة للفائز تقل كلما زاد عدد المرشحين المستمرين في التنافس يوم الاقتراع ؛ أي أن ما مجموعه (10%) من الناخبين تقريباً، يمكن أن يكون لهم ممثل في مجلس النواب ؛ والباقون (90%) تقريباً لا ممثل لهم، بل تذهب أصواتهم أدراج الرياح.
وعلى الرغم من أن هذا النظام يمتاز ببساطته في التطبيق على الناخبين، باختلاف مستوياتهم، إلا أنه من المآخذ عليه هو الآتي :
1- "النظام الفردي" بنـزعته الطبيعية نحو الفردية ينتج عنها تفرّق المجتمع لا توحده.. خاصة في المجتمعات التي يغلب عليها الطابع العشائري أو القبلي ؛ حيث يتقوقع كلٌ في مكانه وتنتج وتتعمّق المناطقية ؛ ويزداد الأمر سوءً، عندما يكون الوعي الانتخابي متدنياً.
2- إن النتائج التي تنتج من هذا النوع من الانتخابات هي انفراد طرف أو طرفين بالأغلبية غير المؤسسة على تناسب بين عدد المقاعد وعدد الأصوات المقترعة، لصالحه/لصالحهما، مما يفسح مجالاً لنشوء حالة استبداد الأغلبية لأنها تقف مدافعه عن أفكارها بعناد يبعدها أحياناً عن الموضوعية.
3- هذا النظام أيضاً لا يتيح مطلقاً للرأي الآخر أن يعبِّر عن نفسه بالحرية والمساحة، اللازمين، مما يمنع الوجود العادل سياسياً للأحزاب الصغيرة، على الرغم من أنها – أي الأحزاب الصغيرة – تمثّل توجهات أساس الديمقراطية ؛ وهي توجهات تتيح لها فرصة التعبير والاستماع لها، بل وتحركها.
4- إن الناخب – بشكل مؤكد – لم تتح له حرية الاختيار لأن عدداً كبيراً من الأصوات تم تجاهلها، وبالتالي لا أثر ولا قيمة لها.. وذلك يقود أيضاً إلى تدني مشاركة الناخب في الانتخابات، لعلمه بأنه سيدلي بصوته كأداة شكلية – فقط – للتعبير الديمقراطي، فصوته إذن عديم الأثر، وبالتالي يتساوى لديه الأمر في الذهاب أو الامتناع عن الذهاب.
5- تضييق مساحة الحركة التنافسية السياسية بين الأحزاب الكبيرة وبعضها، وبينها وبين الأحزاب الأصغر، من خلال تركيز أكبر الجهود على الدوائر ذات الكثافة العددية كمقترعين.. وبالتالي بقية المناطق لا تحظى بالاهتمام اللازم – لا قبل ولا بعد الانتخابات – وتظل قابعة في ظلام عدم معرفة الآخرين بها.
6- مخرجات هذا النوع لا تحقق قاعدة الإنصاف التي تمثل الأساس الأهم للناخب، وما يجب أن يتوخى تحقيقه أيُّ نظام انتخابي ؛ لأن وظيفة أي نظام انتخابي – الأولى والأساس – هي ترجمة رغبة الناخب بفعالية عالية من خلال الاستجابة وتفعيل ما تعنيه أصوات الناخب الممنوحة لمن وقع اختياره عليه ؛ فانعدام تحقيق ذلك يفقد أي نظام جدواه ؛ وأهمية احترام تلك الرغبة – التي عبَّر عنها الناخب بمخرجات العملية الانتخابية – وتحقيقها تفوق أهمية عدم حصول الأحزاب لما تعتقد أنها جديرة به /أو تستحقه من مقاعد ؛ لأن القاعدة أن الناخب هو من يحدد ما يرغب وليست الأحزاب من تفرض عليه ما يريد. وقد ثبت في جميع إحصائيات "الانتخابات الفردية" – في البلدان الديمقراطية التي سبقتنا – انعدام قاعدة الإنصاف التي تمثّلت في الخلل الكبير بين نسبة الأصوات التي يحصل عليها طرف سياسي ما وبين عدد المقاعد التي حاز عليها.. كذلك تنعدم قاعدة الإنصاف في مبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب في السلطة (الإمكانات كبيرة) وبين الأحزاب خارج السلطة (لا إمكانات)، وذلك بعدم ترجمة نسبة الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب خارج السلطة إلى مقاعد.