و الهدف من هذه الإجراءات هو التحكم في أزمة البطالة أو الحد منها و التخفيف من آثارها السلبية، و عموما يمكن تحديدها فيما يلي:
- تشغيل الطاقات العاطلة الموجودة في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، و ذلك من خلال التوسع في برامـج التدريب و إعادة التدريب في مجال المهن اليدوية و نصف الماهرة، خاصة أن مزاولة هذه المهن تعتمد أساسا على الكفاءة الشخصية و الخبرة، و تحتاج إلى قدر بسيط من رأس المال، و يمكن أن تستوعب أعدادا كبيرة من العمالة المحلية؛
- أن تضع الحكومات العربية برامج خاصة للنهوض بالخدمات الصحية و التعليمية و المرافق العامة، الأمر الذي سيترتب عليه خلق فرص عمل منتجة لآلاف الخريجين و المؤهلين للعمل في هذه القطاعات، مع أن هذا الاقتراح يحمل بين طياته حلا جزئيا للبطالة، إلا أنه سيسهم في نفس الوقت في التنمية البشرية التي تمثل الآن إحدى الركائز المهمـة للتنمية المتواصلة؛
- دعم حماية و تشجيع القطاع الخاص المحلي و خاصة في المجالات كثيفة العمالة كالقطاع الزراعي، شريطة أن تتناسب المزايا و الحوافز المقررة له مع حجم ما يوفره من فرص للعمالة المحلية؛
- إحياء قطاعات مغيبة في برامج التنمية الاقتصادية في بعض الدول العربية، خاصة التي وجدت في العوائد الريعية ملاذا لتنفيذ خططها في المجالات المختلفة ألا هو قطاع الخدمات السياحية، حيث تمتلك أغلب الدول العربيـة فضاءات سياحيـة ستمتص كما هائلا من العاطلين لو أحسن استغلالها؛
- تعريب العمالة العربية و يتم ذلك من خلال إحلال العمالة العربية محل العمالـة الأجنبية في الدول العربية التي تعاني من نقص في تخصصات و مهن معينة مثل دول الخليج العربية؛
- تبني فكرة المشروعات الصغيرة و المتوسطة التي تعتبر أحد أبرز الآليات الجيدة لمواجهة مشاكل البطالة في الوطن العربي من خلال ما توفره من فرص عمل جديدة للشباب، وتعتبر ملائمة جدا لظروف الدول العربيــة وذلك لعدة اعتبارات أبرزها زيادة معدلات نمو السكان وبالتالي حجم القوى العاملة وانتشار البطالة وبمعدلات متزايدة وخاصة بين الخريجين الجدد؛
- الربط بين أساليب ومناهج وسياسات التعليم والتدريب المهني ومتطلبات أسواق العمل وتقليل الفجوة بين مختلـف مكونات هذه العناصر وذلك تماشياً مع قضايا الساعة المطروحة حول التصدي لمشكلات البطالة؛
- ربط شبكات معلومات التشغيل والتعليم والتدريب طبقاً لمستويات المهارة المحددة لرفع معدلات الاستفــادة من القوى العاملة العربية والعمل على استقرارها داخل الوطن العربي.
2 ـ 2 ـ إجراءات الأجل الطويل
يقصد بالأجل الطويل ذلك المدى الزمني الذي يسمح بحدوث تغيرات هيكلية في الظاهرة محل الدراسة، وعليـه فإن اقتلاع جذور البطالة بالدول العربية على المد الطويل، سيتوقف على قدرة هذه الدول على خلق البيئة أو القواعد التي ستسمح بتوفير فرص إنتاجية متزايدة للتوظف تتناسب مع أعداد الذين سيدخلون سنويا لأسواق العمل العربية ولن يتحقق ذلك إلا من خلال إستراتيجية للنمو و العمالة، ومهما يكن من أمر فإن هذه الإستراتيجية يجب أن تتضمن تحقيق المساعي التالية :
- تحسين الأداء الاقتصادي العربي و تحسين مناخ الاستثمار في الدول العربية، و إزالة كافة القيود التنظيمية و القانونية التي تحول دون اجتذاب الأموال العربية في الخارج، و التي تقدر بحوالي 800 مليار دولار أمريكي، و لاشك أن عودة هذه الأموال للاستثمار في الدول العربية من شانه المساهمة في كبح جماح مشكلة البطالة في هذه الاقتصاديات.
- زيادة الاستثمار بمعدلات تفوق المعدلات السابقة، حتى تتمكن هذه الدول من تحقيق نمو يسمح لها بخلق فرص عمل تتناسب مع معدل نمو العمالة الجديدة الداخلة إلى سوق العمل واستيعاب نسبة من العاطلين إذا ما أرادت الحد من تفاقم معدلات البطالة.
- معالجة تشوهات الأسواق في الدول العربية، لأنه كثيرا ما تسيطر عليها العناصر الاحتكارية و الطفيلية التي تسيء إلى استخدام الموارد و توزيعها على المجالات المختلفة.
- ضرورة اعتماد و تنفيذ برامج عربية ملائمة للتنمية البشرية تنفذ على المدى الطويل،يتسنى من خلالها الارتقاء بمستويات التعليم و الصحة و الإسكان و الرعاية الاجتماعية، حيث بات ذلك حتمية للارتقاء بمستويات إنتاجية العمل الإنساني العربي، و في ذات الوقت تمثل أحد المصادر الرئيسية للنمو و التنمية في الوقت الراهن.
- تتوافر في الوطن العربي العديد من المقومات الأساسية لقيام التكامل الاقتصادي وإيجاد بنية ملائمة لعملية التنمية الشاملة . وفي الظروف الراهنة فان الانطلاق من اعتبار الوطن العربي ككل إطارا عاما لتحرك المقومات وفعلها هو ضروري عند التركيز على قضية التكامل ،وذلك لأنه يسمح بتكامل موارد ومعطيات الأقطار منفردة أو في مجموعات إقليمية ،وعملية التكامل تسهم في التخفيف من مشكلة البطالة في الدول العربية، وذلك إذا تكيف الإطار السياسي والإداري بالشكل الملائم ليفعّل حركة الإنتاج بين الدول العربية.
- اعتماد قاعدة معلوماتية عربية للوظائف المطروحة و الباحثين عنها لإزالة الغموض الذي يكتنف سوق العمل العربي، و يجب هنا التنويه بضرورة الاستفادة من تجربة بعض الدول الغربية في إنشاء بنوك قومية للتوظيف توفر قاعدة معلومات ضخمة للوظائف الشاغرة في القطاعين العام و الخاص.