التعريف ببني زيان:
ينتمي بنو زيان الى بني عبد الواد أحد فروع قبيلة زناتة العظيمة وكان بنو عبد الواد يعيشون على الرعي و القنص في موطنهم الممتد من جبال سعيدة الى وادي ملوية .
و اشتهر رجالهم بالفروسية و النجدة و شيوخهم بالحكمة و الدهاء , وفي عهد الموحدين استقروا بنواحي تلمسان , وقاوموا دعوتهم في البداية فلما أدركوا قوة الموحدين و عظمتهم دخلوا في خدمتهم لعلمهم بأن المقاومة لا تجدي نفعا.
تأسيس الدولة الزيانية ( العبد الوادية 633 هـ /1235 م ):
لما دخل بنو زيان في خدمة الدولة الموحدية , خدموا باخلاص , و ساعدوها في حروبها فأبلوا بلاء حسنا كما شاركوا في إقامة عظمتها و مجدها . واعترفت بفضلهم عليها فأقطعتهم جهات تلمسان و أمرتهم عليها وكان ذلك في عهد شيخهم ( جابر بن يوسف ) .
وكان الإعتراف بجابر بن يوسف أميرا على تلمسان و أحوازها سنة 627 هـ - 1230م نواة لقيام الدولة الزيانية و حين آلت زعامة القبيلة الى البطل العظيم ( ايْغِمْرَ اسِنْ) بن زيان و رأى تدهور أحوال الموحدين وانفصال بني حفص عنهم اغتنم الفرصة لتحقيق حلم أسرته القديم في تأسيس ملك لهم فأعلن استفلاله بإمارته سنة 633 هـ-1235 م فكان لذلك مؤسس هذه الدولة العظيمة التي عاشت أكثر من ثلاثة قرون بين زوابع الفتن و أهوال الحروب.
العوامل المساعدة على قيام الدولة الزيانية:
من العوامل المساعدة على قيام الدولة الزيانية نذكر منها ما يأتي:
1-ضعف الموحدين بعد الهزيمة الكبرى التي منيوا بها في حصن العقاب بالأندلس أمام الإسبان و حلفائهم سنة 1212 م مما أدى الى عجزهم عن قمع الحركات الإنفصالية .
2-قوة قبيلة بني عبد الواد و تماسكها بفضل دهاء زعمائها ومرونتهم , الأمر الذي جعلهم يكسبون ولاء القبائل الأخرى بالإضافة إلى تهيئة ولاتهم للانفصال منذ وقت طويل بتنظيمها و إصلاح شؤونها , و حجب السلطة الموحدية عن أهلها حتى لم يبق لها قبيل الانفصال إلا الخطبة .
3- كان انفصال الحفصيين بتونس عن الموحدين مشجعا و دافعا لايْغَمْراسِن للإقتداء بهم في سبيل كسب المجد لأسرته , كما علمته الأحداث بأن بني مرين في طريق الانفصال و فتعجل الأمر قبل أن يقتسم الحفصيون و المرينيون بلاد المغرب العربي
4- مناعة تلمسان عاصمة الإمارة و هي من العوامل الهامة في قيام الدولة الزيانية
حدود الدولة الزيانية:
لم تكن حدود الدول الثلاث التي قامت على أنقاض الدولة الموحدية قارة بسبب ما كان بينهما من حروب مستمرة على زعامة المغرب , وبسط النفوذ على كامل التراب الموحدي . فكل واحدة منهن ترى بأنها أحق بخلافة الموحدين , و نتيجة لذلك كان النفوذ الحفصي يمتد أحيانا إلى المغرب الأقصى كما كان النفوذ المريني يمتد إلى تونس أحيانا أخرى , و كانت الدولة الزيانية بينهما تتمدد و تتقلص حسب الظروف , ولكنها في الغالب كانت تتمدد من الجرجرة شرقا إلى وادي ملوية غربا
نظام حكمها و عاصمتها:
كان حكم بني زيان ملكيا وراثيا مطلقا, ويلقب ملكها بأمير المؤمنين ، وغالبا ما يتولى العرش
بعهد من سابقه , يجمع كل السلطات في يده وكانت منزلة الحاجب أقرب المنازل إليه, و تأتي بعدها منزلة الوزراء والقضاة وصاحب الشرطة و المحتسب فقادة الحاميات و شيوخ القبائل .
واتخذ الزيانيون من تلمسان عاصمة لهم .
سياسة بني زيان مع المملكتين الحفصية والمرينية :
كانت العلاقة بين الجارات الثلاث علاقة حرب وعداء في اغلب الأوقات, وكانت العداوة بين بني زيان و بين بني مرين أشد استحكاما .
لجأت المملكة الزيانية إلى انتهاج سياسة المحافظة على توازن القوى
بين الجارتين حتى لا تطغى واحدة على الأخريين ، فكانت تميل إلى جارتها الشرقية أحيانا و أحيانا أخرى إلى جارتها الغربية.
مع مسلمي الأندلس:
كانت علاقة بني زيان مع مسلمي الأندلس علاقة أخوية متين
و شعرو بما يتهدد إخوانهم في الأندلس من أخطار . فكان الزيانيون يمدون المضطهدين في الأندلس سنويا بالمساعدات المالية و العسكرية , ويستقبلون الذين يلجأون إليهم وييسرون لهم سبل العيش و الحياة الكريمة.
وهذا ما أدى إلى تزايد حقد الإسبان و البرتغال على المغرب الإسلامي ويتحول إلى حملات عنيفة على كل سواحله .